في واقعة تُنذر بتصاعد مقلق في أساليب تهريب المخدرات، أعلنت عناصر الحرس المدني الإسباني عن إحباط أكبر عملية تهريب حشيش مسجلة حتى الآن في المنطقة المخصصة للمسافرين الراجلين بميناء مليلية المحتلة، لتكشف بذلك النقاب عن تحوّلات خطيرة في استراتيجيات الشبكات الإجرامية العابرة للحدود.
العملية، التي جرت بتاريخ 28 يونيو الجاري ، استهدفت رحلة بحرية متجهة إلى ميناء ألميريا الإسباني، وأسفرت عن توقيف خمسة نساء، إحداهن قاصر لم تتجاوز 16 سنة، وُضبط بحوزتهن 30 كيلوغرامًا من الحشيش كانت مخفية بإحكام تحت ملابسهن، موزعة على 150 صفيحة و1400 كبسولة مضغوطة.
الاشتباه بدأ عند ملاحظة ارتباك غير مبرر لإحدى المسافرات، ما استدعى تفتيشًا دقيقًا من طرف عناصر نسائية من الحرس المدني، انتهى بكشف كميات من الحشيش مثبتة بعناية على منطقتي البطن والظهر. التحقيقات الأولية قادت إلى اكتشاف أن جميع الموقوفات كنّ يحملن نفس النوعية من المخدر، ما يشير إلى تنسيق محكم من قبل جهة منظمة تعتمد العنصر النسائي كواجهة تمويهية.
وبحسب مصادر أمنية، تتراوح أعمار الموقوفات بين 16 و61 سنة، وتنحدر اثنتان منهن من أصول مغربية، ويقمن بشكل قانوني في منطقة مورسيا. إحدى الموقوفات لديها سوابق عدلية، مما يُعزز فرضية وجود شبكة منظمة وراء هذه المحاولة الفاشلة.
تكشف هذه الواقعة عن تحوّل مقلق في تكتيكات شبكات الاتجار بالمخدرات، التي لم تَعُد تكتفي بتجنيد الرجال أو النساء البالغات، بل أصبحت تستدرج القاصرات إلى متاهة الجريمة، مستغلة ضعف الرقابة الاجتماعية وسهولة اختراق الثغرات الأمنية في نقاط العبور البحرية.
وفي تعليقها على العملية، أكدت الحرس المدني أن هذه الضبطية تأتي ضمن خطتها الأمنية المكثفة، لا سيما خلال فترات العطل الصيفية ومرحلة “عملية عبور المضيق”، حيث تشهد المدينة ارتفاعًا كبيرًا في عدد المسافرين نحو الضفة الأوروبية، ما يرفع من احتمالية محاولات التهريب.
كما دعت السلطات إلى تعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية في الشمال الإفريقي وجنوب أوروبا، لمواجهة تفشي شبكات الإجرام التي باتت ترى في مليلية المحتلة معبرًا سهلًا نحو الأسواق الأوروبية.
في ظل هذه التطورات، لا يلوح في الأفق أي ضمان بأن مثل هذه المحاولات لن تتكرر، خاصة في غياب سياسة أمنية استباقية شاملة تُواكب تطور أساليب الجريمة. فهل تستفيق مليلية من غفوتها، أم أنها ماضية نحو التحوّل إلى جمارك ظلّية لشبكات التهريب؟