في خضم ذروة “عملية عبور المضيق”، التي تشهد حركة غير مسبوقة لمغاربة المهجر بين أوروبا والمغرب، شهد معبر تراجال الحدودي، الرابط بين سبتة المحتلة والمملكة، حادثًا أمنيًا لافتًا حين أوقفت الشرطة الإسبانية امرأة بلجيكية كانت تحاول التسلل إلى الأراضي المغربية برفقة طفلتين مختطفتين.
العملية جرت أمس السبت 5 يوليوز 2025، وجاءت في سياق تشديد المراقبة الأمنية من الجانب الإسباني، في إطار التعاون الأوروبي لملاحقة المطلوبين دوليًا. وحسب معطيات رسمية، فإن الموقوفة كانت محل مذكرة اعتقال أوروبية صادرة عن القضاء البلجيكي، بتهم تتعلق بـ”الاختطاف” و”الاحتجاز غير القانوني”، بينما كانت الطفلتان المرافقتان لها مسجلتين في قوائم الأطفال المختفين.
معبر سبتة، الذي كان وما يزال منفذًا رئيسيًا للجالية المغربية العائدة من المهجر، يشهد منذ انطلاق عملية العبور تعزيزات أمنية غير مسبوقة من الطرف الإسباني. لكنّ اللافت هو توظيف تلك الإجراءات ليس فقط لضمان سلاسة العبور، بل لتحويل الحدود إلى نقطة تفتيش قضائية أوروبية عابرة للسيادة، تعمل على رصد وملاحقة “الخصوم المطلوبين”، بغض النظر عن وجهتهم أو نيتهم.
وقد تم، فور توقيف المرأة، تفعيل قنوات التنسيق القضائي بين مدريد وبروكسل عبر مكتب “سيرين”، المختص بالتعاون بين أجهزة الشرطة في فضاء شينغن. كما تم عرضها على قاضي التحقيق في سبتة المحتلة، بانتظار إحالتها إلى القضاء المركزي في مدريد، تمهيدًا لتسليمها للسلطات البلجيكية.
بينما تشيد وسائل الإعلام الإسبانية بهذا “النجاح الأمني”، تُطرح في المغرب أسئلة مشروعة حول طبيعة الدور الأمني الإسباني في معابر محتلة، مثل سبتة، وما إذا كانت إسبانيا تستغل هذه الفضاءات خارج السيادة المغربية لتطبيق سياسات قضائية أوروبية تتجاوز السياق المحلي والإقليمي.
فالمثير هنا، أن حادثة التوقيف لم تكن تتعلق بملف تهريب أو عبور غير شرعي، بل بجريمة ارتُكبت داخل أوروبا، وكانت وجهة المتهمة نحو الجنوب – إلى المغرب. فهل باتت المعابر نحو إفريقيا ملاذًا أو ممرًا اضطراريًا لجرائم أوروبية داخلية؟ أم أن أوروبا تُصدّر مشاكلها نحو الجنوب، وتحمّل مداخل المغرب عبء تصفية حساباتها القضائية؟
لا شك أن التعاون الأمني والقضائي بين الدول ضرورة في سياق محاربة الجريمة العابرة للحدود، لكن ينبغي أن يتم ذلك ضمن احترام تام للسيادة الوطنية المغربية، خاصة حين يتعلق الأمر بحدود تمرّ منها الملايين من أبناء الوطن في موسم عبور إنساني واجتماعي.
06/07/2025