kawalisrif@hotmail.com

سبتة المحتلة … تزايد مقلق في عمليات تهريب المخدرات القادمة من المغرب

سبتة المحتلة … تزايد مقلق في عمليات تهريب المخدرات القادمة من المغرب

في الوقت الذي يواصل فيه المغرب جهوده لمحاربة شبكات التهريب العابر للحدود، تكشف التقارير القادمة من مدينة سبتة المحتلة عن تصاعد مقلق في أنشطة تهريب الحشيش نحو الضفة الشمالية للمتوسط، في ظل استغلال ثغرات المراقبة ومآسي اجتماعية وإنسانية لتحويل شباب ومواطنين بسطاء إلى “بيادق” في أيدي مافيات عابرة للقارات.

ففي غضون ستة أشهر فقط، حجزت مصالح “الحرس المدني الإسباني” ما يقارب 3 أطنان من الحشيش داخل الميناء، واعتقلت نحو 100 شخص من مختلف الجنسيات، أغلبهم من أصول مغربية. من فتاة في ربيعها التاسع عشر تُقاد بسيارة مفخخة بالمخدرات، إلى رجل أعمال أغرقته الديون فاستسلم لإغراءات المال السريع، وصولًا إلى مهاجرين ينكرون التهم مخافة الترحيل، تتقاطع المآسي عند نقطة واحدة: الوقوع في شباك التهريب.

ميناء سبتة المحتلة، الخاضع للإدارة الإسبانية، تحوّل إلى معبر رئيسي لتصريف الحشيش القادم من شمال المغرب، مستغلًا الموقع الجغرافي للمدينة على مضيق جبل طارق. فقد طورت الشبكات الإجرامية أساليب تهريبها، باستخدام سيارات بتجاويف سرية، شاحنات مغشوشة، دراجات نارية، بل وحتى أجهزة كهربائية معدّلة كالغسالات والثلاجات.

في مواجهة هذه الابتكارات الإجرامية، تبدو جهود الحرس الإسباني محدودة، خصوصًا مع اعتماد المهربين على التمويه المتقن لتفادي الكلاب البوليسية، واختيار أوقات عبور تقل فيها الموارد البشرية في الميناء.

ما يُثير القلق أكثر هو تنامي الاعتماد على “المولات”، وهن نساء يحملن كميات صغيرة من الحشيش داخل ملابسهن أو أمتعتهن، وغالبًا ما يكنّ أمهات أو قاصرات من أحياء مهمشة في جنوب إسبانيا أو شمال المغرب.

أما “الكوّليرُوس”، فهُم الحلقة الأخطر في هذا المسلسل، حيث يُجبر بعضهم على ابتلاع كبسولات مملوءة بالحشيش لتهريبها داخل أحشائهم. وفي منازل مخصصة لهذا الغرض، تُنقل هذه “السلع البشرية” إلى أوروبا، رغم ما يشكله ذلك من تهديد مباشر على صحتهم وحياتهم.

في مشهد يعكس مدى تطور هذه الشبكات، يتم تمييز شحنات الحشيش برموز فريدة: من وجوه كرتونية، إلى شعارات ماركات تجارية، وصولًا إلى صور زعماء مافيا كـ”بابلو إسكوبار”، ما يُسهل على المستلمين معرفة وجهة كل شحنة.

أما أدوات التهريب، فقد شملت كل شيء: دراجات كهربائية، أثاث منزلي، أدوات إلكترونية، بل وحتى عربات إسعاف مزيفة. الأهم هو اختيار التوقيت المناسب، حين تنخفض الحراسة ويضعف الانتباه.

لم يعد الأمر مقتصرًا على الحشيش، فالتقارير الإسبانية تشير إلى ارتفاع مضطرد في تهريب تبغ الشيشة، الكيف، وحبوب مخدرة مثل “الريفوتريل” و”ترانكيمازين”، التي يُعتقد أنها موجهة أساسًا للسوق المغربي، خاصة في المدن الحدودية. وتم خلال هذا العام حجز أكثر من 150 ألف قرص مهلوس في معابر سبتة.

ما يجري في سبتة المحتلة لا يعكس فقط تحديات أمنية، بل يُنذر بمخاطر اجتماعية واقتصادية تتجاوز الحدود الجغرافية. فالواقع يؤكد أن هناك شبكات منظمة تستغل هشاشة الفئات الفقيرة، وتستفيد من تعقيدات الوضع الحدودي، لتغذية تجارة غير شرعية عابرة للقارات.

وفي انتظار حلول شاملة تنسجم مع جهود المغرب الإقليمية والدولية في محاربة الاتجار غير المشروع بالمخدرات، تبقى الحاجة ماسة إلى مقاربة تشاركية تنخرط فيها كل الأطراف، بما فيها أوروبا، من أجل كسر هذه السلسلة الخطيرة التي لا تنتهي إلا في الزنازين أو أقسام الطوارئ.

06/07/2025

Related Posts