kawalisrif@hotmail.com

فاجعة وضع الأستاذ بلحمرة حدا لحياته بالدار البيضاء … مديرية التعليم “مولاي رشيد” تكذب ما نشرته “كواليس الريف” والجريدة تأتي بالدليل القاطع

فاجعة وضع الأستاذ بلحمرة حدا لحياته بالدار البيضاء … مديرية التعليم “مولاي رشيد” تكذب ما نشرته “كواليس الريف” والجريدة تأتي بالدليل القاطع

في مشهد صادم يهزّ الضمير التربوي والإنساني، تحولت وفاة الأستاذ معاذ بن الحمرة ، الذي وضع حدا لحياته ، من مأساة إنسانية إلى فضيحة إدارية مدوية، كشفت خللًا خطيرًا في تدبير الحكامة داخل المنظومة التعليمية المغربية. فبين وثائق رسمية متضاربة، وقرارات عبثية متسرعة، انطفأت حياة معاذ وسط صمت بارد، ليُسدل الموت الستار على حكاية ظلم إداري أنهك كرامته قبل أن يجهز على روحه.

في السابع من يوليوز 2025، أصدرت مديرية التعليم بمولاي رشيد بالدار البيضاء، بلاغًا صحفيًا تُكذّب فيه ما نشرته “كواليس الريف” حول توقيف راتب الفقيد، مؤكدة بالحرف: “لم يتم توقيف راتبه، وتم توصيل راتب شهر يونيو”، قبل أن تُرفق التوضيح بعبارات تعزية باهتة، وكأن الكلمات قادرة على محو وقع الكارثة. لكن الحقيقة سرعان ما انكشفت بوثيقة رسمية أخرى، مؤرخة بـ23 يناير 2025، صادرة عن المديرية الإقليمية مولاي رشيد – تحت رقم 1842، موجّهة إلى مدير مدرسة طارق بن زياد التي كان يُدرّس بها الراحل، وتحمل عنوانًا صارخًا: “توقيف احترازي”، تنصّ بوضوح على إعفائه من راتبه وتوقيفه عن العمل .

الوثيقة، المستندة إلى ما سُمّي بـ”تقرير اللجنة الإقليمية”، تضمنّت لائحة من التهم والاختلالات المنسوبة إليه، من قبيل: التقصير وسوء المعاملة مع المتعلمين، وتجاوزات في التقويم والدعم، وغيرها من العبارات الفضفاضة التي تُثير الشك أكثر مما تشرح الحقيقة. اللافت أن غالبية آباء التلاميذ قدّموا تنازلات لصالح الأستاذ، باستثناء جمعية الآباء التي أصرت على متابعة الملف، مما يفتح باب التساؤلات حول الدور الحقيقي الذي تلعبه بعض الجمعيات في توجيه مسار قرارات تأديبية مصيرية.

الأدهى من ذلك، تؤكد مصادر مقربة من الفقيد أن قرار التوقيف جاء فجائيًا وصادِمًا، إذ مُنع من دخول المؤسسة دون حتى توقيع محضر الخروج، وقوبل بعبارة قاسية: “أنت موقوف، لا تدخل”. معاذ، الذي خضع لتكوينات في إطار مشروع “المدرسة الرائدة”، لم يكن معروفًا بأي سلوك عدواني، بل كان يُشهد له بالكفاءة والانضباط، ما يجعل طريقة التعامل معه إهانة لإنسانيته، قبل أن تكون مخالفة للمساطر الإدارية السليمة.

اليوم، تبقى العديد من الأسئلة معلّقة دون إجابة واضحة: كيف تصدر وزارتان تابعتان لنفس القطاع موقفين إداريين متناقضين؟ هل صرف راتبه فعلًا كما ورد في البلاغ، أم أنه مجرد تضليل إعلامي لاحتواء الرأي العام بعد وفاته؟ من يحمي رجل التعليم من تعسّف الإدارة ومن تدخلات بعض جمعيات الآباء التي قد تتحول إلى أدوات ضغط لا تخضع لأي رقابة؟ أين هي العدالة الإدارية وحق الدفاع، في منظومة يُفترض أنها تشتغل وفق مبادئ الشفافية والإنصاف؟ وهل ستتم مساءلة من ساهموا في إصدار قرار مهين ساهم، بشكل أو بآخر، في النهاية المأساوية لهذا الأستاذ؟

إن ما وقع لا يمكن أن يُختزل في بلاغ تعزية أو في محاولة بائسة لتبرير موقف إداري متهافت. ما وقع لمعاذ بلحمرة هو صفعة لقطاع يُفترض أنه يُربّي الأجيال، فإذا به يُذلّ من يُعلّمهم. إنها صورة قاتمة لممارسات بيروقراطية جافة، تُفرّغ العمل التربوي من روحه، وتُحوّل المؤسسات إلى فضاءات للقمع بدل فضاءات للتكوين.

ولهذا، فإن معاذ لم يمت فقط، بل قُتلت معه الثقة في إدارة يُفترض أنها الحامي الأول لحقوق الأطر التربوية. ولسنا بحاجة إلى بلاغات رسمية تقدم التعازي الباردة بعد فوات الأوان، بل إلى مسؤولين شجعان يعترفون بالخطأ ويتحملون تبعات قراراتهم. نحتاج إلى منظومة تُقدّس كرامة رجل التعليم وتُؤمن بأن الكرامة لا تُستجدى، بل تُنتزع.

— البلاغ الذي توصلت به جريدة “كواليس الريف” :

— الدليل الذي يكذب المديرية الإقليمية للتعليم ب مولاي رشيد :

08/07/2025

Related Posts