kawalisrif@hotmail.com

حاكم مليلية المحتلة يُقلّل من أهمية “مرحبا”… والمغرب ماضٍ في إعادة رسم طريق العبور

حاكم مليلية المحتلة يُقلّل من أهمية “مرحبا”… والمغرب ماضٍ في إعادة رسم طريق العبور

لا مرحباً بمن لا يُرحّب: إمبروضا يدفع مليلية نحو العزلة بلسانه

مرة أخرى، يخرج خوان خوسيه إمبروضا، حاكم مليلية المحتلة وزعيم الحزب الشعبي المحلي، عن السياق الدبلوماسي، ويُدلي بتصريحات أقل ما يُقال عنها إنها مستفزّة ومشحونة بنزعة استعمارية قديمة، حين قلّل من أهمية عملية “مرحبا” (OPE)، قائلاً إنه “غير مهتم إطلاقاً بها”، وكأن المدينة التي يُديرها تعيش اكتفاءً ذاتيًا ولا تحتاج إلى الجالية التي كانت، ولا تزال، أحد أبرز شرايينها الموسمية.

«لا تهمني كثيراً»، يقول إمبروضا، في وقت تشهد فيه مليلية تراجعاً حاداً في حركة العبور، إذ سجّل الأسبوع الأول من “مرحبا 2025” انخفاضاً بنسبة 31,5% في عدد الركاب و36,4% في عدد المركبات مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. ورغم هذا التراجع المقلق، لا يبدو أن الأمر يقلقه، بل عبّر عن ارتياحه لتراجع الزحام، وكأن المدينة ضاقت بسائحيها العابرين الذين ينفقون ويغادرون دون أن يطلبوا شيئاً سوى العبور.

ولم يكتف إمبروضا بذلك، بل سخر من الأثر الاقتصادي للعملية، قائلاً إن المستفيد الوحيد منها هو محطات الوقود، وبعض المحلات التي “تتوهم” – على حد تعبيره – أنها تنتعش بفضلها. وهو تجاهل متعمد لحقيقة أن اقتصاد مليلية المُترنّح يستند في جزء كبير منه إلى العابرين المغاربة، الذين يحرّكون الدورة التجارية في قطاعات المطاعم، والنقل، والتجارة، والتزوّد بالمؤن.

ولم يُفوّت إمبروضا الفرصة لتوجيه سهام النقد لحكومة مدريد، وتحديداً للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (PSOE)، متهمًا إياه بإبرام عقود بحرية “كارثية” حرمت موانئ مثل ألميريا وموتريل من حركة النقل المعتادة، وزوّدت مليلية بسفن “سيئة وباهظة” وصفها ساخرًا بـ”قطع خردة”.

وما يبدو غائباً عن ذهن الحاكم الإسباني، أو متجاهَلاً عن عمد، هو أن قطاع الخدمات في المدينة يشتغل فيه عدد مهم من المغاربة القاطنين بالثغر المحتل، سواء بشكل قانوني أو ضمن الاقتصاد غير الرسمي. وتشكل عملية “مرحبا” بالنسبة لهؤلاء موسماً حيوياً لتعويض أشهر الركود، في مدينة تعاني بقية السنة من خمول اقتصادي لا تكسره سوى حرارة شهري يوليوز وغشت.

وفي ظل تصاعد الأصوات داخل المغرب الداعية إلى مراجعة مسارات العبور وتعزيز الربط المباشر بين موانئ أوروبا والموانئ الوطنية كطنجة، الناظور، الحسيمة، تبدو مليلية وسبتة المحتلتان على وشك فقدان ما تبقى لهما من وظائف رمزية واقتصادية. فأي قيمة لميناء لا ترسو عليه السفن؟ وأي مدينة تُبقي على الحياة إذا أغلقت أبوابها في وجه من ينعشها؟

من يُقلّل من “مرحبا”، يُقلّل من نفسه أولاً، ومن مستقبل مدينته ثانياً. وإذا كان إمبروضا يعتبر العبور المغربي عبئاً، فليكن. وليراقب إذّاك كيف تتحوّل مليلية إلى صحراء تجارية صغيرة، تعيش على فتات إعانات مدريد، وسفن صدئة بلا مسافرين.

فالمغرب ليس في حاجة إلى مدينة تحتقر جاليته، والمغاربة ليسوا مجبرين على عبور ثغرٍ ينظر إليهم كإزعاج موسمي لا كرافعة اقتصادية واجتماعية. والبدائل تُعبَّد بهدوء على الجانبين، والبوصلات تنحرف بثقة نحو موانئ مغربية خالصة، لا تتنكر لأبنائها.

 

09/07/2025

Related Posts