لم يعد مقبولاً، في مغرب ما بعد دستور 2011 والميثاق الجماعي الجديد الذي صار قانوناً تنظيمياً للجماعات الترابية، أن يختبئ بعض المنتخبين خلف شماعة “الفيتو العاملي” لتبرير فشلهم في الوفاء بوعودهم الانتخابية. فالتنمية المحلية، كما حددها المشرّع، هي مسؤولية المجالس المنتخبة، ولا يمكن تحميل تبعات التسيير المرتجل لعامل الإقليم، الذي يضطلع بدور التنسيق والتتبع وليس قيادة التدبير اليومي. لقد تجاوز النقاش اليوم مرحلة تبادل الاتهامات، ليُصبح ضرورة ملحّة لتحمل الجميع لمسؤولياته، وفق ما تمليه روح القانون التنظيمي رقم 113.14، الذي رسم بدقة حدود وصلاحيات كل فاعل ترابي، ووضع آليات واضحة لمعالجة الاختلالات دون السقوط في فخ التبرير السياسي العقيم.
في هذا السياق، تتجه الأنظار نحو جماعة باب مرزوقة بإقليم تازة، التي تحوّل ملفها من قضية محلية إلى مثال حي على الانفلات الإداري والتسيير الأحادي. فبحسب ما كشفته مصادر “كواليس الريف”، فإن تعاطي عامل الإقليم مع هذا الملف اتسم بالتراخي وعدم الحزم، ما شجّع على تفاقم الاختلالات داخل الجماعة، وسمح للرئيس ومن معه بتجاهل مطالب الأغلبية المنتخبة وخرق القوانين التنظيمية دون حسيب أو رقيب. هذا التجاهل، وفق المعطيات المتوفرة، شجع على الإمعان في العبث، وسط صمت غير مبرر من السلطة الإقليمية، التي يفترض فيها السهر على توازن السلطة المحلية وحماية المرفق العمومي من التسيير الشخصاني والفوضى.
وتعبيراً عن هذا الوضع المتأزم، أطلقت المستشارة الجماعية الزهرة الشقوبي نداءً صريحاً، عبّرت فيه عن استيائها العميق من سلوك الرئيس، الذي رفض عقد دورة استثنائية رغم استيفائها للشروط القانونية، فقط لحماية أحد نوابه المتغيبين بشكل متكرر. هذا السلوك، الذي اعتبرته خرقاً سافراً للمادة 36 من القانون التنظيمي، يكشف عن نمط تسيير يُغلّب الولاءات الشخصية على القواعد القانونية، ويُحوّل المجلس من مؤسسة للتداول والمحاسبة إلى أداة في يد رئيس فقد بوصلته السياسية والأخلاقية. إن جماعة باب مرزوقة اليوم بحاجة ماسة إلى تدخل عاجل يعيد الهيبة إلى المؤسسة المنتخبة، ويضع حداً لعبث التسيير الذي يهدد بتقويض ما تبقى من الثقة في العمل الجماعي.