kawalisrif@hotmail.com

اللغة الإسبانية … سلاح دبلوماسي مغربي إضافي في معركة الصحراء

اللغة الإسبانية … سلاح دبلوماسي مغربي إضافي في معركة الصحراء

في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، تبرز اللغة الإسبانية كأداة استراتيجية لا تقل أهمية عن السلاحين السياسي والاقتصادي في معركة المغرب للدفاع عن وحدته الترابية، وفي قلبها قضية الصحراء.

فاللغة الإسبانية، التي يتحدث بها أكثر من 500 مليون شخص حول العالم وتُدرّس في أكثر من 100 دولة، لم تعد مجرد وسيلة تواصل، بل تحوّلت إلى رافعة دبلوماسية وثقافية مؤثرة. وهي اليوم، وفق تقرير “اللغة الإسبانية في العالم 2024” الصادر عن معهد ثربانتيس، رابع أكثر اللغات تداولاً على الصعيد العالمي بعد الإنجليزية والصينية والهندية.

هذه الأرقام ليست مجرّد معطيات لغوية، بل مؤشرات استراتيجية، خصوصاً بالنسبة للمغرب الذي تربطه مصالح وروابط عميقة بدول أمريكا اللاتينية الناطقة بالإسبانية، فضلاً عن علاقته المعقدة والوثيقة بالجارة إسبانيا.

لطالما اعتمدت الدبلوماسية المغربية، الرسمية منها والبرلمانية، على العربية والفرنسية في الدفاع عن مغربية الصحراء. غير أن الواقع اليوم يفرض توسيع دائرة الأدوات التعبيرية، خصوصاً في الفضاء الناطق بالإسبانية، حيث يُعاد تشكيل الرأي العام حول هذا النزاع.

هنا تبرز أهمية ما يمكن تسميته بـ”الدبلوماسية اللغوية”، وهي دبلوماسية هادئة لكنها فعّالة، تعتمد على إيصال صوت المغرب بلغة الآخر، بعيداً عن الترجمة التي قد تضعف الرسالة أو تُفرغها من مضمونها.

ورغم وجود دبلوماسيين مغاربة يتقنون الإسبانية ويستخدمونها في الدفاع عن القضايا الوطنية، إلا أن حضورهم لا يزال محدوداً. في المقابل، لا يتردد خصوم المغرب، سواء في إسبانيا أو أمريكا اللاتينية، في استغلال الإسبانية للترويج لأطروحاتهم الانفصالية، مدعومين بوسائل إعلام ومنابر أكاديمية ناطقة بهذه اللغة.

اللغة الإسبانية تُعد مفتاحاً للوصول إلى شعوب تؤمن بالقيم التحررية، لكنها تجهل السياق التاريخي والسياسي للنزاع حول الصحراء. كما أنها وسيلة فعالة للتأثير على صناع القرار والمؤسسات المؤثرة في فضاءات لطالما شكّلت ساحات تنافس روائي بين المغرب وخصومه.

الإسبانية ليست بديلاً عن الفرنسية أو الإنجليزية، بل مكمّلة لهما. وينبغي أن تحظى بالمكانة التي تستحقها في النظام التعليمي المغربي، بهدف تكوين أجيال قادرة على الدفاع عن القضايا الوطنية في المحافل الدولية، بلغة يفهمها العالم.

من غير المقبول أن يُعرض بعض المسؤولين المغاربة، رغم إتقانهم للإسبانية، عن استخدامها، مفضلين الفرنسية وكأن الإسبانية لغة ثانوية. هذا الموقف لا يخدم المصالح العليا للمغرب، بل يُضعف أدواته في معركة الرأي العام الدولي.

الرهان على الإسبانية ليس ترفاً لغوياً، بل ضرورة استراتيجية في معركة وجودية يخوضها المغرب منذ عقود. فكل لغة جبهة، وكل متحدّث بها جندي محتمل في ساحة المعركة. وإذا كان المغرب قد راكم إنجازات دبلوماسية بارزة في ملف الصحراء، فإن المرحلة المقبلة تقتضي تعبئة لغوية شاملة، يكون للإسبانية فيها موقع الريادة.

 

11/07/2025

Related Posts