في واحدة من أضخم العمليات الأمنية التي شهدتها الأراضي الإسبانية، تمكنت الشرطة الوطنية من تفكيك مصنع ضخم لصناعة مادة الـMDMA (الإكستازي) الاصطناعية، داخل مستودع صناعي بمدينة “أمبوستا” في إقليم تاراغونا، شمال شرق البلاد. العملية التي توجت باعتقال زعيم الشبكة، وهو هولندي من أصول مغربية يبلغ من العمر 35 عامًا، كشفت النقاب عن شبكة معقدة ذات امتدادات أوروبية، وتحديدًا مع التنظيم الإجرامي المسمى “موكرو مافيا” (Mocro Maffia)، وهي شبكة إجرامية تنشط بين هولندا وبلجيكا والمغرب.
الشرطة عرضت خلال مؤتمر صحفي المعدات التي صادرتها: 6 محركات تفاعل كيميائي بسعة 1000 لتر، أجهزة تقطير ضخمة تعمل بدرجات حرارة عالية، بالإضافة إلى 582 كيلوغرامًا من المخدر المصنع جاهزًا للتوزيع، إلى جانب 31 ألف لتر من المواد الأولية، وآلاف اللترات من زيوت MDMA ومواد كيماوية خطرة. وتُقدّر القيمة المالية للمخدرات المحجوزة بـ31 مليون يورو.
المصنع كان موزعًا على ستة أقسام متخصصة: التخزين، التفاعل، التقطير، التبلور، التصفية، والوزن. وتم اختياره بعناية في منطقة صناعية مهجورة، بعيدًا عن الأنظار، تحيط به كاميرات مراقبة متطورة، وحُرّاس غير مسلحين لحمايته من أي اقتحام مفاجئ.
التحقيقات انطلقت سنة 2023 من هولندا، بعد رصد تحركات لمشتبه بهم ينتمون لتنظيم إجرامي خطير قرر نقل عملياته إلى إسبانيا. المشتبه به الرئيسي كان معروفًا لدى الشرطة الهولندية بوصفه شخصية ذات “قيمة عالية”، وله ارتباطات بجهات في كولومبيا وإسبانيا، حيث كان يقيم في مدينة “كامبريلس” الساحلية.
التحقيقات الإسبانية توصلت إلى امرأة مكلفة بالجوانب الإدارية داخل الشبكة، قادت إلى “الطباخين الكيميائيين”، وهما المسؤولان عن تركيب المخدرات، واللذان قادا بدورهما عناصر الشرطة، دون قصد، إلى الورشة السرية، حين تم رصد عملية نقل لصناديق خشبية اشترِيت من متجر للبناء.
الشرطة لم تكتفِ بالتحذير من خطورة هذه المعامل على الصحة العامة نتيجة تسويق المخدرات، بل أشارت إلى جانب بيئي كارثي، يتمثل في التخلص العشوائي من آلاف اللترات من المواد الكيماوية السامة في الأنهار والمجاري المائية. وهي ممارسات تُسهم، بحسب الخبراء، في تغيير مكونات المياه وتسميم الحياة البيئية، في ظاهرة قد تفسّر نتائج تحاليل مياه الصرف التي تُظهر نسبًا عالية من المواد المخدرة.
وتثير هذه القضية القلق داخل الأوساط الأمنية الأوروبية، إذ تكشف مدى قدرة المنظمات الإجرامية العابرة للحدود على الاستقرار في بلدان مثل إسبانيا، مستفيدة من البنية التحتية وتراخي الرقابة في بعض المناطق الصناعية النائية.
وفي سياق متصل، ذكّرت الشرطة الإسبانية بأن سنة 2024 وحدها شهدت تفكيك 12 مختبرًا لصناعة المخدرات الاصطناعية في البلاد، فيما تم العثور على 6 معامل إضافية منذ بداية 2025.
مافيا “الموكرو”، التي خرجت من أحياء أمستردام، باتت اليوم لاعبًا خطيرًا في تجارة المخدرات بأوروبا، وتمتد فروعها بين شواطئ المغرب وأسواق هولندا، مرورًا بالمستودعات السرية في إسبانيا.