الناظور : كواليس الريف
منذ أحداث حراك الريف، شهدت منطقة الناظور تصاعدًا ملحوظًا في مظاهر التمييز والعنصرية تجاه أبناء الريف. فقد أصبحت الأخبار المتداولة تعكس سلوكيات لم تعد معزولة، بل تشير إلى نمط مقلق وممنهج.
فعلى سبيل المثال، يرفض موظفو مطار العروي الدولي (مطار الناظور) التواصل مع المسافرين باللغة الأمازيغية (الريفية)، رغم أن أغلب مستعملي المطار ينحدرون من الجالية المغربية الناطقة بالريفية ، ولا يتفنون العربية الدخيلة ولا الفرنسية ، خصوصا المقيمين في هولندا وألمانيا والدول الإسكندنافية.
كما أفادت مصادر مطلعة بأن مسؤولاً بشركة مارتشيكا أدلى بتصريحات مستفزة بحق الموظفين المنحدرين من الناظور والريف، واصفًا إياهم بعبارات جارحة تمس كرامتهم، ما يطرح تساؤلات حول مدى احترام مبدأ المساواة داخل مؤسسات الدولة.
وفي حادثة أخرى، أقدم عنصر من القوات المساعدة على تعنيف أحد مشجعي فريق هلال الناظور، ما تسبب في كسر أسنانه، فقط بسبب احتفاله بأحد أهداف فريقه خلال مباراة رياضية. وقد أثارت هذه الواقعة استياءً واسعًا داخل المدينة.
أما القائد السابق للمقاطعة الثانية بالناظور، فقد نُسبت إليه تصريحات مسيئة تفيد بأنه يعتبر سكان المدينة “مهربين ومزورين وتجار مخدرات”، مشيرًا إلى نيته “إعادة تربيتهم”، وهي تصريحات تتنافى مع أبسط مبادئ المسؤولية الإدارية والاحترام الواجب للمواطنين.
وتعاني مدينة الناظور من مظاهر تهميش واضحة؛ فشوارعها وأزقتها تشهد إهمالًا ملحوظًا، وتنتشر مشاهد التسول والبطالة، لا سيما عند مداخل المدينة، في مشهد يعيد إلى الأذهان سنوات الإقصاء التي أعقبت احتجاجات الخبز سنة 1984.
ورغم كل ذلك، يواصل سكان الناظور وأبناء الجالية المتحدرة من الريف في الخارج التعبير عن وطنيتهم العالية، وكان آخر تجلياتها التضامن الواسع مع ضحايا زلزال الحوز. كما أن الجالية الريفية تساهم سنويًا بمليارات اليوروهات في دعم الاقتصاد المغربي.
غير أن هذه المبادرات الوطنية لم تُقابل، حتى الآن، بخطوات ملموسة من بعض الجهات في الدولة تُعبر عن التقدير والدعم. بل ما زالت مظاهر الإقصاء قائمة .
11/07/2025
