kawalisrif@hotmail.com

مليلية المحتلة: مدريد تمنح سبتة “هبة عسكرية”… وتترك مليلية لمصيرها مع “صابرينا موح”!

مليلية المحتلة: مدريد تمنح سبتة “هبة عسكرية”… وتترك مليلية لمصيرها مع “صابرينا موح”!

من مدريد، تُدار شؤون مليلية المحتلة كما تُدار ملفات الأرشيف القديمة: بإهمال، تأخير، وربما بعض النسيان المقصود. أما من داخل الثغر المحتل، فتبدو “الحكومة المحلية” وكأنها تصرخ في فراغ إداري، بلا أثر ولا رجع صدى.

في أحدث مظاهر هذا العبث السياسي، خرج خوان خوسيه إمبروضا، رئيس حكومة مليلية المحتلة، ليصف ممثلة مدريد، صابرينا موح، بـ”الفشل التام”، متهماً إياها بالتقصير وغياب التأثير، بل واعتبرها “مندوبة بلا صلاحيات، وبلا حضور فعلي، وبلا فائدة تُذكر”.

السبب؟ وزارة الدفاع الإسبانية قرّرت أن تهدي سبتة المحتلة، شقيقتها في الاحتلال، مساحة 140 ألف متر مربع من الأراضي العسكرية. هكذا، ببساطة، وبدون شروط ولا مفاوضات. وفي المقابل؟ لا شيء لمليلية… لا متر مربع، ولا حتى وعد خجول.

الغريب في الأمر ليس فقط “التمييز الوقح” الذي اشتكى منه إمبروضا، بل في توقيت غضبه المتأخر. وكأن الرجل اكتشف فجأة أن مليلية ليست ضمن أولويات مدريد، وأن “العدالة المجالية” في إسبانيا تنتهي عند بوابات البحر الأبيض المتوسط، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمناطق الواقعة على الأراضي المغربية.

ويبدو أن إمبروضا نسي – أو يتناسى – أن مليلية ليست سوى قاعدة عسكرية متنكرة في زي “مدينة ذات حكم ذاتي”، وأن وزارة الدفاع تنظر إليها بوصفها ثكنة حدودية، لا أكثر.

أما السيدة صابرينا موح، فهي بدورها لم تخيّب الظن. فبعد كل تهميش وتجاوز، خرجت لتدعو إلى “الهدوء والتعاون”، متهمة حكومة المدينة بـ”افتعال الصراعات”. والواقع أن موح، كما يصفها خصومها، تمارس السياسة كما تُمارس السكرتارية: تكتب، ترد، تنقل، وتبرّر.

تخلفت عن الدفاع عن المدينة في قضية الجمرك التجاري، وتجاهلت الانكماش الاقتصادي الناتج عن إغلاق المعابر مع المغرب، وها هي اليوم تصمت – أو تبرر – حين يُمنح جزء من “الكعكة العقارية” لمدينة أخرى.

هل هي قلة حيلة؟ أم طاعة حزبية؟ أم فقط… قناعة داخلية بأن مليلية ليست على الخريطة المركزية لإسبانيا؟

الإشكال ليس في “منح الأراضي”، بل في رمزية القرار: سبتة نالت نصيبها لأنها – حسب موح – “نسّقت مع مدريد” و”أثبتت تعاونها”، بينما تُقدَّم مليلية كمدينة مشاغبة، ترفض الانضباط الحزبي ولا تتقن فن الخضوع.

إنه منطق الولاء مقابل الامتياز، حيث تتحوّل “الحقوق” إلى هدايا مشروطة، والمطالب المشروعة إلى “ضجيج غير بناء”.

لكن السؤال الأهم: أين هي “الجهوية المتقدمة” الإسبانية، إن كانت مليلية لا تملك حتى الحق في الحصول على عقار، أو قرار، أو احترام؟

من منظور مغربي، يبدو المشهد كله مثيراً للتهكم أكثر من الغضب. فها هي مليلية، المدينة المغربية الواقعة تحت الاحتلال الإسباني، تتوسل إلى مدريد من أجل “متر أرض”، بينما يختلف ساستها حول من هو الأقل فشلاً في إرضاء المركز.

أما الحقيقة، فهي أن مليلية – مثل سبتة – لا تملك استقلالاً، ولا حكماً ذاتياً حقيقياً، بل هي تحت وصاية سياسية وأمنية تخضع لأوامر مدريد أكثر من مصالح سكانها. والإدارة المركزية تمنح، أو تمنع، وفق مصالحها العسكرية، لا وفق أولويات التنمية.

لعلّ أنسب عنوان لهذا الوضع هو: “حين تتصارع حكومة المدينة والمندوبة على فتات الأرض… ويظلّ القرار في مدريد وحدها!”

ويبقى السؤال مفتوحاً:
هل كانت مليلية ستنال تلك الأراضي لو كانت أقرب إلى قلب مدريد؟ أم أن زمن “الهبات” و”الرضا السياسي” لا يُوزَّع بالتساوي على الثغور المحتلة؟
وفي كل هذا المشهد… من يتذكّر أن هذه الأرض أصلها مغربي؟ وأن كل هذا النزاع يجري فوق تراب مسلوب؟

في النهاية، مليلية لا تحتاج إلى هِبة من وزارة الدفاع… بل إلى استعادة سيادةٍ كاملة تُنهي هذا العبث الاستعماري المتنكر في خطاب إداري!

11/07/2025

Related Posts