عبد الحميد أجال :
رغم مرور أكثر من خمسة عشر عامًا على التقسيم الترابي الذي شهده إقليم الحسيمة سنة 2008، ما تزال جماعة أجدير ترزح تحت وطأة تبعات تقسيم إداري وصفه العديد من المتابعين بكونه مجحفًا وشائكًا، سواء في حق الجماعة ذاتها أو في حق عدد من الدواوير المجاورة لها.
تمتد جماعة أجدير حاليًا من واد أبلوقن إلى واد اسلي، غير أن خارطة التقسيم الإداري تجعل منها كيانًا ضيق المساحة محاصرًا بالتهميش الجغرافي، في حين أن الأراضي الواقعة بين واد أبلوقن وحدود واد غيس كانت – تاريخيًا واجتماعيًا – جزءًا لا يتجزأ من المجال الحيوي لأجدير وسكانها.
ومن أبرز الدواوير التي شملها هذا “الاقتطاع الإداري” دواوير أزغار وآيت هشام، التي ضُمّت إلى جماعة آيت يوسف وعلي، في إطار مقاربة ترابية قيل إنها اعتمدت معايير تقنية وجغرافية. غير أن هذه المعايير، بحسب منتقديها، أغفلت الأبعاد التاريخية والاجتماعية، ولم تراعِ تطلعات السكان ولا حاجياتهم التنموية.
والنتيجة أن هذه المناطق ظلت على هامش التنمية، تعاني من ضعف في البنية التحتية وغياب المشاريع، في وقت شهدت فيه أحياء من مركز بوكيدان – التابع لجماعة آيت يوسف وعلي – تحسنًا ملحوظًا في خدمات الطرق والإنارة والتجهيزات الأساسية. هذا التفاوت يعكس خللًا في توزيع الموارد، خصوصًا إذا ما علمنا أن جماعة أجدير تُعتبر قانونيًا “مدينة”، لكنها لا تزال تفتقر لأبسط مقومات المدن من مرافق وخدمات.
في المقابل، نجد جماعة أخرى ما تزال تُصنَّف كـ”بلدة”، لكنها تنال حصة أكبر من التنمية، ما يُبرز تناقضًا صارخًا في مفهوم العدالة المجالية.
وفي ظل هذا الوضع، تصبح الحاجة ملحة لتحرك جاد من طرف المنتخبين المحليين وفعاليات المجتمع المدني والمثقفين وكل الغيورين على المنطقة، من أجل إعادة فتح ملف التقسيم الإداري على طاولة النقاش. ويمكن أن يُترجم هذا التحرك بإعداد عريضة مدنية موقعة من قبل الجمعيات والهيئات المحلية، تُرفع إلى وزارة الداخلية، للمطالبة بمراجعة التقسيم بما يراعي الإنصاف المجالي ويُحقق المصلحة العامة.
لقد آن الأوان لتبني مقاربة تشاركية جديدة، تستند ليس فقط إلى الخرائط والخطوط، بل إلى ذاكرة المكان، وانتماء الناس، وكرامة العيش التي يجب أن تكون حقًا مكفولًا لكل المواطنين، دون إقصاء أو تهميش.
12/07/2025