في واقعة تسلط الضوء على تصاعد الجريمة العابرة للحدود، كشف تحقيق رقمي مستقل عن تهريب أزيد من 500 حاسوب محمول، سُرقت من مؤسسات تعليمية في إقليمي كتالونيا والأندلس بإسبانيا، إلى الأراضي المغربية، حيث عُرضت للبيع في محلات إلكترونيات مستعملة، بأثمنة منخفضة بشكل لافت مقارنة بقيمتها الأصلية.
التحقيق، الذي أجرته صحيفة ElCaso.cat الإسبانية، كشف أن عملية التتبع تمت عبر أداة برمجية متطورة طوّرها محلل مختص في مجال تتبع المصادر المفتوحة (OSINT). هذه الأداة مكّنت من رصد عشرات الحواسيب المسروقة، بعد ظهورها في إعلانات بيع منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات إلكترونية مغربية، تديرها متاجر إلكترونيات صغيرة، تقع غالبًا في مناطق شبه قروية أو هامشية.
وتُظهر الصور المرفقة مع هذه الإعلانات دلائل واضحة على المصدر الأصلي للأجهزة، من بينها ملصقات رسمية تحمل اسم حكومة كتالونيا (Generalitat de Catalunya)، بالإضافة إلى أرقام تسلسلية ومواصفات تقنية تطابق تلك الخاصة بالمعدات المفقودة.
وفق المعطيات الواردة في التحقيق، فإن عملية التهريب نُفذت على مراحل منسقة. حيث جرى نقل الأجهزة بداية من المؤسسات التعليمية في كتالونيا والأندلس إلى جنوب إسبانيا، ثم تهريبها عبر مضيق جبل طارق، باستخدام عبّارات أو وسائل لوجستية بحرية أخرى.
وبمجرد وصولها إلى المغرب، تم تخزينها في مستودعات جرى تحديد مواقع بعضها، قبل أن تُوزع على محلات إلكترونيات محلية، تعرضها للبيع بشكل علني ودون أي تدقيق حول مصدرها.
المصادر تشير إلى أن أسعار هذه الأجهزة لا تتجاوز في بعض الحالات ربع قيمتها الأصلية، ما يجعلها مغرية للمستهلكين، خصوصًا في الأسواق التي لا تتوفر فيها خيارات تقنية ميسّرة.
لكن اللافت، بحسب التحقيق، أن البائعين لا يبذلون أي جهد لإخفاء هوية هذه الحواسيب أو طمس الشعارات الرسمية المثبتة عليها، ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى علمهم بمصدرها غير القانوني.
المحلل الذي أعد التحقيق استخدم روبوتًا برمجيًا متخصصًا لتحليل آلاف الإعلانات الرقمية المنشورة على مواقع التواصل وصفحات البيع في شمال إفريقيا. وتمكن من مطابقة المعلومات التقنية والصور مع قاعدة بيانات خاصة بالأجهزة المسروقة، لتحديد عدد كبير منها بدقة، مستندًا إلى الأرقام التسلسلية والبيانات المرفقة.
وتُظهر التحقيقات أن هذه العمليات لم تكن فردية أو عشوائية، بل تُشير إلى وجود شبكات منظمة تستغل ضعف الرقابة الجمركية بين الضفتين، لنقل معدات ذات طابع تعليمي وحكومي نحو أسواق غير خاضعة للمساءلة.
تطرح هذه الواقعة تساؤلات خطيرة بشأن أمن البيانات، خاصة أن بعض هذه الحواسيب كانت على الأرجح تحتوي على معلومات خاصة بطلبة ومؤسسات تعليمية، ما قد يفتح الباب أمام تهديدات سيبرانية أو استغلال غير مشروع للبيانات.
حتى اللحظة، لم تُعلن السلطات الإسبانية أو المغربية عن أي تحقيق رسمي في هذه القضية، رغم الأدلة التقنية والصور الموثّقة المنشورة ضمن التحقيق، وهو ما يزيد من المخاوف بشأن اتساع دائرة هذا النوع من الجرائم وتكرارها مستقبلاً في ظل غياب التنسيق الأمني العابر للحدود.
12/07/2025