في ضربة جديدة لشبكات التهريب الدولي، تمكنت السلطات الأمنية المغربية بمعبر باب سبتة من إحباط محاولة نوعية لتهريب 53 كيلوغرامًا من مخدر الشيرا، كانت مخبأة بإتقان داخل سيارة أودي فاخرة، يقودها شاب إيطالي يبلغ من العمر 25 عامًا.
العملية التي نُفذت في ظروف ليلية معقدة، جاءت إثر اشتباه عناصر الجمارك والشرطة المغربية في تصرفات السائق، ليُقرر إخضاع المركبة لتفتيش معمق استغرق أكثر من ساعتين متواصلتين، استعان خلالها رجال الأمن بمعدات خاصة لقطع أجزاء من الهيكل المعدني، حيث تم العثور على كميات المخدرات داخل تجاويف مُعدّة خصيصًا وبطريقة احترافية تدلّ على دعم لوجستي منظم.
الواقعة تعيد إلى الواجهة مرة أخرى حقيقة أن عملية العبور “مرحبا”، التي تُخصص أساسًا لتسهيل تنقل الجالية المغربية المقيمة بالخارج، تتحول في كل صيف إلى فرصة ذهبية تستغلها شبكات تهريب المخدرات، التي تراهن على ضغط الحدود وانشغال عناصر المراقبة لتمرير شحناتها وسط الحشود.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن المهرب الإيطالي ليس سوى “رأس جبل الجليد” في شبكة منظمة يُعتقد أنها تنشط بين شمال المغرب وجنوب أوروبا، حيث تشير المعطيات الأولية إلى وجود أطراف مسؤولة عن تجهيز السيارة وتوفير المخدرات في سلاسل متداخلة.
السلطات المغربية، فور إيقاف السائق، شرعت في تحقيقات قضائية معمقة لفك خيوط الشبكة المحتملة، بالاعتماد على تتبع المكالمات، ومسار السيارة، وتحليل البيانات الرقمية التي تم حجزها معه. ومن المرتقب أن تتوسع التحقيقات لتشمل شبكات الدعم والتمويل خارج المغرب.
ولم تكن هذه المحاولة الوحيدة خلال الأسبوع نفسه، إذ تمكنت العناصر الأمنية من إحباط تهريب 29 كيلوغرامًا إضافية من الشيرا داخل عربة “كارافان” يقودها مواطن هولندي، تم ضبطها بنفس المعبر الحدودي، وقد جرى تصميم بنيتها الداخلية خصيصًا لإخفاء الشحنات بطريقة “احترافية متقنة”.
وتعكس هذه المحاولات المتكررة حجم الرهان الكبير الذي تضعه مافيا التهريب الدولي على بوابة باب سبتة باعتبارها معبرًا هشًا يسهل اختراقه.
يُجمع متابعون للشأن الحدودي على أن باب سبتة تحوّل في السنوات الأخيرة إلى نقطة سوداء على خارطة التهريب، بفعل تزايد المحاولات، وتنوع الجنسيات، وتعقيد تقنيات الإخفاء، ما يستدعي مقاربة أمنية جديدة تجمع بين الردع الأمني والاستثمار في التكنولوجيا وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وفي هذا السياق، لا تنفك السلطات المغربية عن تعزيز التنسيق مع نظيرتها الإسبانية، من خلال رفع مستوى المراقبة، وتوظيف آليات الكشف الحراري، وتشديد الإجراءات على المركبات المشبوهة، دون أن يغفل ذلك عن التوازن مع حرية تنقل أفراد الجالية ومصالحهم.
بين الحيلة والاحتراف، يبقى باب سبتة ساحة مفتوحة لمعركة مع شبكات التهريب العابرة للحدود، تستدعي يقظة دائمة وتعاونًا دوليًا فعالًا، خاصة مع تمدد هذه الشبكات في أوروبا وتزايد استخدامها لأشخاص من جنسيات أوروبية في عمليات التهريب.
وفي انتظار فك كل خيوط هذه العملية الأخيرة، يظل السؤال معلقًا: من التالي؟ وهل يكفي الردع القانوني وحده لوقف هذا الزحف المنظم عبر البوابة الشمالية للمغرب؟
13/07/2025