kawalisrif@hotmail.com

شاعلة: مليلية المحتلة … حين يثير النجاح المغربي نوبات “تحسس اقتصادي” في الإعلام الإسباني

شاعلة: مليلية المحتلة … حين يثير النجاح المغربي نوبات “تحسس اقتصادي” في الإعلام الإسباني

في الوقت الذي يمضي فيه المغرب قدمًا في تنفيذ مشروعه البحري العملاق “ميناء ناظور غرب المتوسط – ويست ميد”، بدأت أقلام إسبانية تُخرج الحبر كما لو أنها في حالة طوارئ إعلامية. لم تترك الصحف الإسبانية، من Europa Sur إلى El Faro de Melilla، شاردة أو واردة في هذا المشروع الاستراتيجي دون أن تُقلبها تحليلًا وتخوفًا، بل وتحذيرًا أحيانًا.

فالعنوان الصادم لـEuropa Sur جاء كجرس إنذار: “المغرب يسعى عبر ميناء الناظور غرب المتوسط إلى تكرار نجاح طنجة المتوسط في مواجهة الجزيرة الخضراء”. نعم، “مواجهة” وليس “منافسة” – وهي دلالة تكشف حجم القلق الذي يتجاوز الأبعاد الاقتصادية إلى الحساسية السيادية، وكأن السيادة البحرية محجوزة مسبقًا لموانئ الجنوب الإسباني!

الصحيفة لم تُخفِ أن المغرب أصبح اليوم لا يمرر فقط السلع، بل يمرر الرسائل. رسائل تُفهم جيدًا في مدريد، فحين يحصل المغرب على دعم مباشر من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لبناء هذا الميناء، فإن اللعبة لم تعد تدور حول من يملك الميناء الأكبر، بل من يملك الرؤية الأذكى.

أما El Faro de Melilla، فقد عبّرت عن قلقها بلغة لا تخلو من الدراما، إذ اعتبرت أن موانئ مثل مليلية ومالقة وموتريل مهددة بفقدان “أنشطتها”، في حال واصل المغرب “تسهيل الاستثمار وتقديم الحوافز”. وهنا يظهر بوضوح أن الذنب المغربي الوحيد هو… الكفاءة !

عند تحليل مجمل التغطيات الإعلامية الإسبانية، نجد انقسامًا واضحًا بين من يعترف بنجاح المغرب في إعادة رسم موقعه الجيو-اقتصادي، ومن يُصرّ على نغمة “الخطر القادم من الجنوب”. لكنها تغطيات تتقاطع عند نقطة واحدة: الاعتراف بأن المغرب لم يعد ذلك الجار الذي يُنتظر منه أن يلعب دور المساعد أو التابع، بل أصبح هو من يرسم قواعد اللعبة، على مياهه، وفي مياهه، وبأمواله.

في السابق، كانت الصحافة الإسبانية تتحدث عن المغرب كمنطقة عبور أو هامش دعم لوجستي مؤقت، أما اليوم فالعناوين تغيّرت: “المغرب يقوّض التوازن البحري”, “مشروع مغربي يهدد الأنشطة الإسبانية”. وكأن مجرد امتلاك ميناء عصري أصبح عملًا يستدعي جلسة طارئة في البرلمان الأوروبي!

ثم يأتي الحديث “الساخط” عن التمويل الأوروبي. كيف يمكن للبنك الأوروبي أن يدعم المغرب؟! نسوا أو تناسوا أن أوروبا نفسها تُراهن على الاستقرار والنمو جنوب المتوسط، وأن دعم المغرب ليس تفضيلًا بقدر ما هو استثمار في الرابح الحقيقي بالمنطقة.

من يقرأ هذه التغطيات الإسبانية يظن أن المغرب نصب ميناءه الجديد على أرصفة مليلية، أو أنه بصدد سحب البحر الأبيض المتوسط جنوبًا! والحقيقة أن ما يؤلم البعض ليس الميناء في حد ذاته، بل الرمزية المتراكمة: مغرب ينجح، مغرب يخطط، مغرب يُنفذ دون أن يطرق الأبواب الأوروبية طالبًا الموافقة أو المشورة.

وها هي مليلية، المحتلة أصلاً، تحتج على مشروع مغربي داخل السيادة المغربية! ميناء لم تنتهِ مدرجاته بعد، لكنه نجح في تحريك مياه الإعلام الإسباني الراكدة… بل ومياههم السياسية!

ربما حان الوقت ليُفهم هناك أن المغرب لم يعد يلعب دور الكومبارس في مسرح التجارة الدولية. بل بات يكتب نصه، ويصمم ديكوره، ويصعد إلى خشبة المتوسط بثقة، ولو صفق له البعض على مضض.

ناظور غرب المتوسط- ويست ميد ليس مجرد مشروع بحري، إنه مرآة لمغرب جديد يعرف تمامًا أن السيادة لا تُعلن فقط بالخرائط، بل تُترجم أيضًا بالموانئ، والمنصات، ورؤية تنموية… لا تنتظر الإذن من أحد.

13/07/2025

Related Posts