kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا: قصر ماريفينت … البحر والهواء الملكي: إقامة صيفية بطعم السياسة والرمزية

إسبانيا: قصر ماريفينت … البحر والهواء الملكي: إقامة صيفية بطعم السياسة والرمزية

منذ عام 1973، تحوّل قصر ماريفينت بمدينة بالما دي مايوركا ، في جزر البليار، إلى الوجهة الصيفية المفضلة للعائلة المالكة الإسبانية. الموقع المطل على البحر الأبيض المتوسط، والذي كان مخصصًا في الأصل ليكون متحفًا، أصبح تدريجيًا أحد رموز ارتباط التاج الإسباني بجزيرة مايوركا، بل وأداة غير مباشرة لتعزيز الحضور الملكي في الفضاء العام.

الملك السابق خوان كارلوس وزوجته الملكة صوفيا، رفقة أبنائهما، دشنوا الإقامة في القصر صيف عام 1973، قبل سنة واحدة من تولي خوان كارلوس العرش. وكان وراء هذا الاختيار نيكولاس كوتونير، أول رئيس للديوان الملكي بعد فرانكو، والذي رأى في ماريفينت بديلاً ملائمًا عن إقامة فرانكو الصيفية بازو دي ميراس.

اليوم، وبعد أكثر من خمسة عقود، لا تزال العائلة المالكة تستعمل القصر كمقر صيفي، ولو بشكل مختصر. فالعاهل الحالي، الملك فيليبي السادس، يكتفي برفقة الملكة ليتيسيا وابنتيهما بقضاء نحو عشرة أيام سنويًا هناك، ضمن ما يُعرف بالعطلة الرسمية، تليها عادةً عطلة خاصة تقضيها الأسرة خارج التراب الإسباني دون تفاصيل تُذكر.

ورغم الطابع الرسمي والرمزي للقصر، إلا أن موقعه المطل على البحر والمجاور لقاعدة بحرية، جعله أيضًا محل نقاش سياسي وإعلامي حول “الملكية والامتيازات”. فالقصر، الذي استحوذ عليه التاج من حكومة جزر البليار، خضع لعدة تحسينات، منها إضافة مهبط مروحيات، ومرافق أمنية، ومساكن مخصصة للضيوف ولولي العهد السابق.

وفي محاولة لامتصاص النقد، قرر الملك فيليبي السادس عام 2014 فتح حدائق القصر أمام العموم خلال الفترات التي لا تكون العائلة المالكة متواجدة فيها، غير أن الإقبال كان محدودًا، وإن خفّف من وطأة الأصوات المطالِبة بتحويل القصر إلى مرفق عمومي دائم.

ماريفينت لم يكن فقط محطة للإسبان، بل شكّل كذلك مسرحًا لبعض من أبرز لحظات التآخي الملكي الأوروبي، وعلى رأسها زيارات الأمير تشارلز والأميرة ديانا، الذين اعتادوا قضاء عطلتهم هناك بين 1986 و1990. لكن خلافًا سياسيًا حول قضية جبل طارق، حال دون حضور الملك خوان كارلوس وزوجته حفل زفاف ديانا وتشارلز، ما ألقى بظلاله على العلاقات الثنائية لبعض الوقت.

ورغم تراجع وهج القصر الملكي وتقلّص مدته الصيفية، لا تزال العائلة المالكة متمسكة بهذا التقليد، ولو بصيغة رمزية. فماريفينت لم يعد مجرد إقامة موسمية، بل تحوّل إلى فصل دائم من فصول علاقة التاج الإسباني بالجغرافيا والذاكرة والسلطة الناعمة.

وفيما تواصل الأسرة المالكة تلميع صورتها بمبادرات انفتاحية مثل فتح الحدائق أو تقليص مدة الإقامة الصيفية، يواصل الملك الأب خوان كارلوس إجازته الدائمة في الخليج، بعيدًا عن أضواء ماريفينت، لكن بأجور ملوكية لا تقل سخاءً عن نسيم البحر الأبيض المتوسط.

ورغم أنه “منفى اختياري”، إلا أن الحياة في أبوظبي لا تبدو قاسية على الملك المتقاعد، لا سيما وهو يستمتع بمزايا ضيافة الأمراء ودفء العلاقات النفطية… دون الحاجة لقلق حديقة مفتوحة أو عدسات صحافة فضولية. ففي النهاية، مَن يحتاج إلى ماريفينت حين تكون لك مارينا خاصة، وطائرة تنتظرك، وحساب مصرفي لا يعرف موسمًا واحدًا؟

13/07/2025

Related Posts