kawalisrif@hotmail.com

بين سبتة والجزيرة الخضراء … تهريب البشر أصبح رياضة بحرية !

بين سبتة والجزيرة الخضراء … تهريب البشر أصبح رياضة بحرية !

في مضيق جبل طارق، حيث تمتزج أمواج البحر الأبيض المتوسط بتيارات المصالح الأوروبية المتناقضة، لم يعد تهريب البشر مجرد فعل إجرامي بل تحوّل إلى عرض أسبوعي تتخلله المطاردات، الاصطدامات، والتصريحات “الرسمية” المغسولة بماء البحر !

الحادثة الأخيرة التي هزّت مضيق جبل طارق أوائل يوليوز، ليست استثناءً بل تكرار ممجوج لفوضى صارت معتادة في الضفة المحتلة. إذ أوقفت السلطات الإسبانية ثلاثة شبّان – اثنان من الجزيرة الخضراء وثالث من سبتة المحتلة – بعد مطاردة بحرية وصفها البعض بأنها تصلح لفيلم رديء الإنتاج، لكنها واقعية ومميتة هذه المرة.

هؤلاء الثلاثة قادوا قاربًا ترفيهيًا مسروقًا يُدعى “إل ويلي”، استخدموه في محاولة فاشلة لتهريب مهاجرين غير نظاميين، بينهم قاصر دون سترة نجاة، من سبتة نحو الضفة الشمالية. القارب لم يكن فقط مسروقًا، بل تم التلاعب به حرفيًا: إزالة رقم الهيكل، تعطيل النظام، وتزيينه بجرعة من الوقاحة في التعامل مع قوات الحرس المدني التي تعرّضت للاصطدام عمدًا، مرتين.

الغريب في الأمر أن سلطات الاحتلال في سبتة، التي تدّعي السيادة والقانون، لم تكن في يوم من الأيام قادرة على ضبط شبر من حدودها البحرية أو البرية. والسؤال المؤلم حدّ السخرية: كيف لقارب مسروق، تم التلاعب به علنًا، أن ينطلق من ميناء مدينة محتلة خاضعة لمراقبة مشددة، دون أن ترمش كاميرا واحدة؟ هل الكاميرات موجهة فقط لتصوير القاصرين المغاربة في الأزقة أم أن هناك “عمىً أمنيا” انتقائيًا؟

أليس من العار أن يكون البحر أكثر وعيًا من سلطات الاحتلال، حين كشف بقوة موجه فضيحة جديدة لعصابات تهريب البشر؟ أليست هذه الشبكات تتغذى من هشاشة سلطة تُغلف فشلها ببلاغاتٍ قضائية كلما غرق أحد أو اصطدمت قواربهم بآخرين؟

التحقيقات الإسبانية الحالية تتحدث عن “عصابة منظمة” و”تخطيط مسبق”، لكن ماذا عن تواطؤ الصمت في سبتة؟ ماذا عن المافيات التي تنشط تحت مرأى ومسمع الاحتلال في أحيائها الشعبية، حيث يجري تجنيد الشباب والقصّر لنقل البشر، والبضائع، والمخدرات في آنٍ واحد؟

لقد أصبحت الحدود البحرية للمدينة المحتلة منصة لإطلاق الجريمة العابرة، بينما تُلقي سلطات الاحتلال باللوم في كل فشل على المغرب… الذي بدوره يواجه ضغوطًا، ويتحمل العبء الأكبر في التصدي لشبكات عابرة للحدود، بموارد محدودة وصبر استراتيجي.

على الضفة الأخرى، يواصل المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، سياسة أمنية متقدمة قائمة على اليقظة وتفكيك الشبكات العابرة للحدود. فعدد العمليات الأمنية الناجحة، وعدد الشبكات التي تم تفكيكها من طرف الأجهزة المغربية، يفوق بكثير ما يتم الترويج له إعلاميًا في الجارة الشمالية.

وبينما تستعرض سلطات الاحتلال الإسباني أسطولها البحري المتقادم وتكتفي بإلقاء القبض على صغار المهربين، يضبط المغرب بذكاء خطوط التهريب الكبرى ويقود، بصمت، حربًا يومية ضد التهريب، والهجرة غير النظامية، والجرائم المتداخلة.

 

 

13/07/2025

Related Posts