kawalisrif@hotmail.com

رأي :   رئيس جماعة بني أنصار الأسبق  يحيى يحيى يعود من “الفريجيدير” السياسي لركوب موجة الثغور المحتلة :  جعجعة بلا طحين وتوقيت تفوح منه رائحة الانتخابات !

رأي : رئيس جماعة بني أنصار الأسبق يحيى يحيى يعود من “الفريجيدير” السياسي لركوب موجة الثغور المحتلة :  جعجعة بلا طحين وتوقيت تفوح منه رائحة الانتخابات !

في مغرب المناسبات، حيث تنبت “اللجن” كما ينبت الفطر بعد أول مطر، عاد إلى الواجهة اسم الناشط والبرلماني السابق يحيى يحيى، رئيس جماعة بني أنصار الأسبق، الخارج من سباته السياسي الطويل، ليُعيد إلى أسماع الرأي العام سيمفونية تحرير سبتة ومليلية، في مشهد يبدو كنسخة باهتة من أرشيف 2002، لا تنقصه سوى موسيقى درامية وأعلام تُلوَّح أمام الكاميرات.

المناسبة؟ ذكرى “حادثة جزيرة ليلى”.
المكان؟ مدينة الفنيدق، وليس الجزيرة.
الرسالة؟ الدفاع عن السيادة الوطنية… أو على الأقل، هذا ما يُسوّقه البلاغ الصادر عن يحيى .

لكن خلف هذه “الصحوة السيادية”، تتوارى أسئلة مشروعة:

أين كانت هذه اللجنة طوال السنوات الماضية؟ وماذا أنجزت فعليًا غير “قطع يد تمثال” في مليلية سنة 2012، في واحدة من أغرب أشكال التعبير السياسي؟ علمًا أن التمثال لم يكن إلا تجسيدًا للضابط الإسباني بيدرو دي إستوبينيان، قائد الغزو العسكري سنة 1497، بتكليف من الملكة إيزابيلا الكاثوليكية.

فهل يكفي بتر يد تمثال لاقتلاع جذور الاحتلال؟ أم أن الأمر لا يتعدى لقطة استعراضية بلا أثر في الواقع القائم؟

التهكم الشعبي كان أبلغ من التحليل الأكاديمي، حين كتب أحدهم:

“اللجنة عندها عنوان بلا مقر، عندها كاتبة بلا قلم، عندها رقم هاتف… ما كيصونيش!”

فأين توجد هذه اللجنة حقًا؟ من يمولها؟ من يراقبها؟ من يختار منسقها العام؟

لا وجود لأجوبة. لا هيكلة، لا محاسبة، لا شفافية. مجرد كيان يُفعَّل عند الحاجة، ويُجمَّد بانتهاء الظرفية. وحتى بعد تحولها من “لجنة” إلى ما سُمّي بـ”تنسيقية”، ظلت الوجوه نفسها، مع بعض “الكومبارس”، دون أي تغيير جوهري أو إنجاز فعلي.

أما المناضلون الحقيقيون، فقد تم تهميشهم عمدًا، ليصعد إلى الواجهة “فرسان الفرص”، ممن حوّلوا الملف السيادي إلى قناة لتصريف التأشيرات، وواجهة لتلميع الذات في صفقات مشبوهة. استُغلت أسماء مناضلين وهميين كأوراق ابتزاز، وتحوّلت القضية إلى غطاء لـ”الحُريك” تحت لافتة “نشطاء مدنيين”، في مشهد يختلط فيه النضال بالمصالح في سوق السياسة الرمادية.

في عهد القنصل الإسباني السابق بالناظور، لم يكن اسمه يُتداول علنًا، لكن حضوره في كواليس الصفقات فاق حضوره في أي اجتماع للسيادة. وعلى الحدود، عايش معبر باب مليلية تجاوزات فاضحة: مافيا تهريب منتعشة، تواطؤ من بعض عناصر الجمارك، وصمت مطبق من “مصورين صحفيين” لا يفرّقون بين الألف والعصا، باعوا الكاميرا وخانوا الكلمة… قبل أن يخونوا الوطن.

ولأن لكل “شو إعلامي” ظرفيته، فإن التوقيت هذه المرة يفضح أكثر مما يُبرر.

عودة الحديث عن تحرير سبتة ومليلية تتزامن، بشكل يصعب وصفه بالعفوي، مع بداية التسخينات الانتخابية. فيخرج السياسي من “الفريجيدير”، يتقمّص دور المناضل، يرفع شارة “السيادة الوطنية”، ويستعرض بطولات موسمية، مدركًا أنها ورقة انتخابية تُستعمل ثم تُطوى.

البلاغ الأخير بدا مصقولًا، أقل صخبًا وأكثر نعومة، وقد جاء متزامنًا مع عرض وثائقي إسباني بعنوان: “ليلى… الحرب التي لم تكن”، يعيد – بعد 23 سنة – تمثيل أزمة كادت أن تتحول إلى صدام، لولا أن الواقعية السياسية غلبت الحماس الموسمي.

وفي خضم هذه “الصحوة الإعلامية”، برز مؤخرا أيضًا صوت آخر … من الخارج هذه المرة.

أصوات انفصالية تحت يافطة “جمهورية اللايف”، ممن اختاروا المتاجرة بقضية الريف في المزادات الدولية، بعدما باعوا النضال الصادق بدينار النفط الجزائري ، وارتضوا أن يتكلموا بلسان جهات معادية. خطابهم يفيض برائحة “حاسي بلال”، وتحركهم دفاتر شيكات “سوناطراك”.

ليسوا صوت الريف ولا ضميره، بل تجار معاناة ولصوص يلوكون الأكاذيب كما تُلوى الحقائق، متنقلين بين المنصات كمرتزقة رقميين، يعرضون “مظلومياتهم المفبركة” على موائد استخبارات الغير، ويقايضون علم الوطن بإعجابات زائفة.

فهل كل ذلك مجرد صدفة؟ بلاغات، وثائقيات، تنسيقيات، خرجات إعلامية، ورايات مرفوعة في أسبوع واحد؟
أم نحن أمام عودة مدروسة، بتمويل محسوب وتوقيت مضبوط؟

“وماذا عن نشطاء جزيرة ليلى؟ من يذكرهم؟ من يُنصفهم؟”

في خضم هذا الصخب، لا أحد يسأل عن أولئك الخمسة الذين اقتحموا الجزيرة فعليًا، ورفعوا العلم المغربي فوق صخورها ذات صيف مشتعل.

شباب من اللجنة الوطنية لتحرير سبتة ومليلية خاطروا بأرواحهم حين صمت الجميع.

هل تم إنصافهم؟ هل أُشركوا في هياكل القرار؟ هل سُمِع صوتهم؟

أم أن النضال الحقيقي لا مكان له في بروتوكولات توزيع المناصب على المقاس، حيث تُقصى الكفاءات ويُستبعد الأوفياء لصالح الوجوه الموسمية والمقرّبين؟

في زمن تُحوَّل فيه القضايا الوطنية إلى دعاية انتخابية، يتحول المناضلون الحقيقيون إلى ظلال باهتة، يُهمّشون في صمت، بينما يُستبدل الوفاء ببطاقات دعوة، ويُختزل التاريخ في صور مصفّاة وفيديوهات إنستغرام.

بقلم :   أحمد الغول

13/07/2025

Related Posts