kawalisrif@hotmail.com

لكن ! ولكن … وفد “مضايف” يحطّ ثقيلاً … إنزال طارئ لإطفاء حريق الفساد داخل فندق “ميركور” بالناظور !

لكن ! ولكن … وفد “مضايف” يحطّ ثقيلاً … إنزال طارئ لإطفاء حريق الفساد داخل فندق “ميركور” بالناظور !

يبدو أن كؤوس الصبر قد فاضت، وأن ما خفي في دهاليز فندق “ميركور” بالناظور أعظم، بعدما تحوّل هذا الصرح السياحي، المصنف رسميًا، إلى عنوان صارخ للرداءة وسوء التسيير  .

فبعد سلسلة مقالات نارية فجّرت فيها جريدة كواليس الريف المستور، ونبشت في عمق المستنقع الذي غرقت فيه إدارة الفندق، نزل وفد من شركة “مضايف” ضيفًا ثقيلاً بالناظور، في محاولة يائسة لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وإنقاذ ما تبقى من صورة فندق كان يُفترض أن يشكّل واجهة للمدينة لا وصمة عار سياحية.

الوفد، القادم من الرباط، وُصف بأنه رفيع المستوى، لكنّ الاستقبال الذي حظي به، كان مثيرًا للشكوك … المدير زكي، مسؤول الإيواء بدر، والأدهى من ذلك… رأس الفساد نفسه الذي حول الفندق إلى إسطبلٍ تسكنه “الزبونية” و”المحاباة” و”صفقات تحت الطاولة”. وجود هذا الاسم المثير للجدل أمام أعين لجنة التفتيش ليس فقط صفعة للمنطق، بل إهانة صريحة لمفهوم الإصلاح ذاته.

فهل جاء الوفد حقًا لإنقاذ المنشأة، أم لإعادة ترتيب أوراق نفس الوجوه المتورطة؟!

ما حدث في الفندق لم يعد خافيًا: خدمات متدنية، نزلاء يشتكون من تدهور مرافق الإيواء، ولصوص يقتحمون ، وعمال محبطون، أجواء مشحونة، وفساد ينخر الجدران… كل هذا وسط صمت مُريب من الإدارة المركزية، إلى أن انفجرت الفضيحة إعلاميًا.

شركة “مضايف”، الذراع السياحي لصندوق الإيداع والتدبير، والتي يُفترض أن تُجسّد الرؤية المغربية الطموحة للنهوض بالسياحة، تجد نفسها اليوم في موقف لا تُحسد عليه، بسبب سياسة التراخي، والتستر على الأعطاب الداخلية بدل اصلاحها.

المدير التنفيذي الحالي لـ“مضايف”، مامون العلمي لحليمي، الذي يحمل لقب “ابن النظام” بصفته نجل أحمد العلمي لحليمي، لا تنقصه التجربة ولا الرؤية، لكن ما يحدث على الأرض لا يعكس سوى إدارة عرجاء. فرغم إشرافه على استثمارات ضخمة وشراكات مع مجموعات عالمية، تبقى النتيجة في الناظور خيبة مدوّية.

ويكفي أن ملفاً قديماً، كقضية إقامته المجانية في فندق تابع للمجموعة رفقة ابنته، لا يزال يلاحقه، ليطرح تساؤلات جدية حول حدود الشفافية داخل المؤسسة التي يديرها.

ما يحدث في “ميركور” ليس حالة معزولة، بل نموذج مصغّر لأزمة أوسع داخل مؤسسة “مضايف”، التي عجزت عن تحديث هياكلها، وتجديد طاقمها، ومواكبة تحديات الجودة والسياحة الحديثة.

الزمن تغيّر، والمسافرون تغيّروا. ولم تعد البيروقراطية تصلح لتسيير فضاءات يفترض أن تكون نابضة بالحياة، جذابة، ومتكيفة مع معايير دولية صارمة.

الكرة اليوم في ملعب “مضايف”: إما إعلان قطيعة شجاعة مع الماضي البالي، وتطهير شامل للوبيات داخل فندق “ميركور”، أو استمرار النزيف إلى أن تتحول الناظور إلى “حفرة سوداء” في الخريطة السياحية للمملكة.

الزبائن ينتظرون. العاملون يترقّبون. والمدينة تختنق. فهل تملك “مضايف” الشجاعة لتكسير البيض الفاسد قبل فوات الأوان؟ أم أن شعار التغيير لن يتجاوز هذه المرة عتبة بهو الاستقبال؟!

بين دهشة الزبائن وتوجّس العاملين، يعيش فندق “ميركور” لحظة رمادية، لا هي بالانفراج ولا بالحسم. الكل يهمس خلف الأبواب المغلقة: هل ستكون زيارة وفد “مضايف” بداية لإعادة الاعتبار للمؤسسة، أم مجرد ذرّ للرماد في العيون لامتصاص الغضب الشعبي؟

العاملون، الذين أنهكتهم سنوات من الإهانة المهنية والإذلال الإداري، لا يطلبون المستحيل؛ فقط بيئة عمل نظيفة، شفافة، تُقدّر كفاءاتهم، وتكسر منطق “الرضى بالرذيلة” الذي ترعرع على أنقاضهم. إنهم ينتظرون عدالة داخلية تطال من اعتادوا اختلاس الجهد الجماعي لحسابهم الشخصي.

أما الزبناء، فهم لم يعودوا يطالبون بترف اربعة نجوم، بل بأبسط مقومات الخدمة الفندقية: نظافة، احترام، مهنية، وكرامة. لقد سئموا الأعذار المكرورة، والوعود الورقية، وخيبات الاستقبال البارد في بهو يتهاوى يومًا بعد آخر.

وأما مرتادو الفندق المنتظمون، أولئك الذين ما زالوا – عن حسن نية أو اضطرار – يطرقون أبواب “ميركور”، فيتداولون السؤال نفسه بصوت خافت: هل ستتمخض الزيارة عن تغيير حقيقي، أم أنها مجرّد مسرحية بيروقراطية جديدة؟

في النهاية، يبدو أن فندق “ميركور” الناظور لم يعد يتحمل مزيدًا من تأجيل القرار أو طمس الحقائق. فالوقت ليس للترضيات، بل للمحاسبة. وأما “مضايف”، فإن أرادت فعلاً أن تُعيد الثقة إلى جسدها المتهالك، فعليها أن تبدأ من هنا، من هذه البؤرة المُهملة بالذات، بقطع الحبل السري مع الفساد… وإعلان ولادة جديدة للكرامة الفندقية في المغرب.

وإلا، فإن “ميركور” سيظل عنوانًا دائمًا لـ”المرارة” أكثر من كونه معلمًا للسياحة.

13/07/2025

Related Posts