kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا :    الماريجوانا ذهب أخضر يُباع باليورو في قادش

إسبانيا : الماريجوانا ذهب أخضر يُباع باليورو في قادش

في قلب منطقة سانلوكار التابعة لمدينة قادش، يتحول القنب الهندي إلى سلعة استراتيجية تدر الملايين. فلم تعد الزراعة تقتصر على الحقول الخضراء، بل انتقلت إلى المختبرات، حيث يعمل مهربون محليون على تعديل النبتة وراثيًا لزيادة تركيز مادة الـTHC، وهي المركب النفسي الأقوى في نبات القنب. النتيجة؟ منتج فائق الجودة يشهد طلبًا متزايدًا في شوارع أمستردام وهامبورغ وباريس، ويُباع بسعر يصل إلى 1,700 يورو للكيلوغرام، متفوقًا بذلك على سعر الحشيش المغربي الذي لا يتجاوز 1,400 يورو، وهو فارق يوضح أن سوق المخدرات في قادش لم يعد يرضى إلا بالذهب الأخضر المُعدّل جينيًا.

وراء هذا التفوّق اللافت عوامل متعددة تفسر كيف انقلبت الموازين في سوق تهريب المخدرات بجنوب أوروبا: فالهندسة الوراثية فتحت الباب أمام إنتاج أصناف من الماريجوانا ذات تأثير أقوى وأكثر جاذبية للمستهلك الأوروبي، بينما أدى الارتفاع القياسي في إنتاج الحشيش في جبال الريف المغربية إلى تخمة في الأسواق وبالتالي انخفاض في الأسعار. ومع تفكيك وحدة “OCON-Sur” الأمنية، عادت شبكات التهريب للعمل بحرية نسبية، ما أفسح المجال أمام قوافل المخدرات للعبور عبر سواحل قادش، في وقت تبنّى فيه موزعو سانلوكار سياسة إغراق السوق بخفض أسعارهم إلى النصف تقريبًا، ما أجبر المنافسين في لا لينيا على التراجع وأدى إلى تغيير خريطة التهريب على طول الساحل الأندلسي.

ما جنته هذه الشبكات من عائدات لم يبقَ حبيس الحسابات البنكية. فقد استثمر زعماء التهريب أموالهم في عقارات فارهة وحياة بذخ، لا تخفى على أعين المحققين. ففي عملية “Pich” الأمنية، أبدت عناصر الحرس المدني دهشتها من فخامة القصور التي ضبطت داخلها كميات من المخدرات ومعدات التهريب؛ من الرخام الباذخ، إلى الجاكوزي، إلى شاشات عملاقة ومسابح داخلية، كانت منازل المشتبه بهم تبدو أقرب إلى منتجعات خاصة بلا زوّار. اللافت أن أحد المتهمين الرئيسيين لم يكن يملك سجلًا مهنيًا يبرر ثروته، حيث لم يُسجّل سوى 168 يوم عمل فقط بين 2013 و2018، قبل أن يسجّل نفسه كعامل حر منذ 2022.

لم تكن هذه العصابات تعمل بطريقة عشوائية، بل اعتمدت على شبكات من الشركات الواجهة والمتعاونين الوهميين لغسل أموالها المتأتية من تجارة الماريجوانا والحشيش في ألمانيا وهولندا وفرنسا ولوكسمبورغ. وقد شملت المرحلة الأخيرة من التحقيقات مداهمات في سانلوكار، خيريز، ماربيا، إيبيزا، مدريد وغيرها، وأسفرت عن ضبط سيارات فاخرة أبرزها “رولز رويس” و”مرسيدس برابوس” بقيمة تتجاوز 850 ألف يورو، إضافة إلى تجميد خمس شركات وإصدار مذكرة توقيف دولية.

في قادش، لم يعد الفلاحون يزرعون القمح أو الطماطم، بل ينبت من أرضهم المال مباشرة. فبينما يُكابد مزارعو الأرز لجني موسم مجزٍ، يكتفي مهربو الماريجوانا بزرع بذور معدّلة جينيًا، ويقطفون سيارات فارهة وعقارات سياحية. لقد تحوّلت الماريجوانا إلى مشروع أكثر ربحية من الذهب أو النفط، وربما لم تستوعب بعض اقتصادات المنطقة بعد كيف تتحول بذور نبات واحد إلى ملايين من اليوروهات في ظرف موسم زراعي واحد… أو في جولة تفتيش ناجحة.

13/07/2025

Related Posts