kawalisrif@hotmail.com

الأميرة الإسبانية تتلقى أوسمة “الامتنان الوطني” وسط انقسام سياسي في غاليسيا

الأميرة الإسبانية تتلقى أوسمة “الامتنان الوطني” وسط انقسام سياسي في غاليسيا

في خطوة اعتبرها العديد من الغاليثيين “استعراضًا ملكيًا بلا جدوى”، كرّمت حكومة منطقة غاليسيا الإسبانية، يوم الاثنين، الأميرة ليونور، وريثة العرش الإسباني، بمنحها “الميدالية الذهبية” للجهة، وتسمية مدينة مارين لها “ابنةً بالتبني”، وذلك في حفل رسمي حضرته شخصيات من الحكومة المركزية، وغابت عنه جهات محلية رافضة لهذا “التتويج الرمزي”.

هذه الالتفاتة، التي أرادت بها حكومة غاليسيا (المنتمية للحزب الشعبي المحافظ) الإشادة بمقام الأميرة في المدرسة البحرية العسكرية في مارين، جاءت وسط احتجاجات رمزية ومعارضة صريحة من الحزب القومي الغاليسي BNG وشبيبته “غاليثيا نوفا”، الذين اعتبروا أن منح الوسام “لا يمثل الإرادة الجماعية للغاليثيين”، بل هو محاولة لفرض رمزية التاج على جهة عُرفت تاريخيًا بنزعتها القومية.

الحدث الذي احتضنته ساحة “أوبرا دوريو” بمدينة سانتياغو دي كومبوستيلا، لم يكن مجرد تكريم بروتوكولي، بل حملة علاقات عامة هدفها، حسب مراقبين، “إعادة تموقع الملكية الإسبانية في الأقاليم التي تشهد فتورًا تجاه المؤسسة الملكية”، مثل كاتالونيا وبلاد الباسك وغاليسيا.

وقد ظهرت الأميرة، مرتدية زيها العسكري، في موكب رسمي أحيط بتغطية إعلامية واسعة، وسط توافد المواطنين والسياح، بينما غابت عمدة سانتياغو، المنتمية لـBNG، عن المراسيم رغم تأكيدها السابق بالحضور.

رئيس حكومة غاليسيا، ألفونسو رويدا، استغل المناسبة للتأكيد على أن “غاليسيا تكنّ ولاءً صادقًا للتاج”، واصفًا التتويج بـ”الحدث الاستثنائي”، مضيفًا أن “إسبانيا اليوم، تحت راية التاج، تتقدم كديمقراطية مستقرة”. تصريحات اعتبرها البعض موجهة ضد الحكومة المركزية التي تعيش حالة تشرذم سياسي.

رغم الطابع الاحتفالي، لم يخلُ الحفل من نبرة سياسية، حيث تحدّثت الأميرة بلغة غاليسيا المحلية، محاولةً كسب ودّ الساكنة عبر إشارات عاطفية من قبيل “لن أشعر بالحنين لأنني سأعود دائمًا”. كما استحضرت في خطابها “المهاجرين الغاليسيين في أمريكا اللاتينية”، في استدعاء رمزي لتاريخ الهجرة والاغتراب.

لكن خلف هذه الكلمات العاطفية، يقرأ مراقبون مغاربة ما هو أعمق: سعي التاج الإسباني لتلميع صورته داخليًا، خاصة بعد تآكل شرعيته بين فئات واسعة من الشعب الإسباني، مقابل استمرار تملصه من مسؤولياته التاريخية في ما يخص الاستعمار، وعلى رأسه قضيتي مليلية وسبتة المحتلتين.

اختيار توقيت التتويج، بعد عودة الأميرة من رحلة بحرية عسكرية دامت ستة أشهر، يراه البعض توظيفًا لرمزية الجيش في الترويج لوريثة العرش، خصوصًا في ظل صعود التيارات القومية والانفصالية.

وقد أهدت حكومة الجهة للأميرة أعمالاً رمزية: مجموعة “نوس” للفنان كاستيلاو، ومؤلفات الشاعرة روزاليا دي كاسترو، بالإضافة إلى حلي تقليدية محلية، في محاولة لتقديم صورة “الأميرة القريبة من الشعب”.

غير أن الخطاب الملكي، على الرغم من محاولات التقرب، لا يُخفي حقيقة الأزمة الرمزية التي تعيشها المؤسسة الملكية الإسبانية، لا سيما أمام تزايد المطالب بمراجعة الإرث الكولونيالي الإسباني في إفريقيا، وبالأخص الوضع غير القانوني لمليلية وسبتة المحتلتين.

بينما تتواصل محاولات التاج الإسباني لكسب ودّ الجهات الداخلية عبر التكريمات الرمزية، يظل ملف الاحتلال الإسباني للثغور المغربية شاهدًا على انتقائية المؤسسة الملكية في فهم “الولاء” و”الاعتراف”، وهو ما يطرح أسئلة جوهرية حول شرعية هذه التظاهرات الملكية في ظل إنكار الحقوق التاريخية للمغرب.

14/07/2025

Related Posts