“من مقرّ للقوات المساعدة إلى “مملكة فولكو”: خروقات، تقارير مغلوطة، وصمت مريب”
“شكايات الساكنة تُقابل بالتجاهل… والتقارير تُصاغ بالتلاعب”
في زاوية ساحرة تُشبه “المالديف” المغربية، وتحديدًا على شاطئ تشارنا “رأس ورك” التابع لجماعة بني شيكر، يرقد عقار جماعي على جراحه القانونية، بعدما تحوّل من مقرّ سابق لوحدات القوات المساعدة إلى ما يُشبه حانة دائمة تدار بمنطق “الاستغلال المطلق”، على يد شخص يُثير الجدل ويستعصي على القانون، لا يملك أي سند قانوني لاستغلاله، ويُعرف في الأوساط المحلية باسم: بوجمعة فولكو، أو كما يُلقّبه البعض ساخرًا : “التنين”.
العقار المعروف بـ”كانتينا” – أي الحانة – يوجد في موقع استثنائي يخلو من أبسط تجهيزات البنية التحتية أو الخدمات الاجتماعية، رغم أنه كان من الأجدر – بمنطق العدالة المجالية – أن يُخصّص لعناصر الوقاية المدنية لدعم الأمن البحري ومواكبة الموسم الصيفي. لكن، ولأسباب لا تزال مغلّفة بالصمت، سُلّم العقار، لا بموجب وثائق رسمية، بل بمباركة الصمت الإداري، لشخص واحد يصول ويجول فيه كما يشاء، دون حسيب أو رقيب.
في تطور لافت، برزت وثائق رسمية وتقارير مرفوعة إلى السيد عامل إقليم الناظور، جمال الشعراني، اتّسمت – بحسب متابعين محليين – بقدر كبير من الغموض والتلاعب في الصياغة، بل وصلت حد تقديم معطيات مغلوطة عن الوضع القانوني للعقار، في محاولة فاضحة لطمس حقيقة الاستغلال غير المشروع.
فبينما تُجمع شكايات الساكنة ومعاينات ميدانية على استمرار النشاط داخل “كانتينا”، جاء الرد الإداري بلغة هزيلة وباردة: “العقار مغلق حاليًا”… عبارة فضفاضة قد تصلح عنوانًا لفيلم درامي، لكنها لا تُجيب عن أي سؤال، ولا تُنكر أي خرق، بل تغتال الحقيقة بلغة بيروقراطية فجّة.
هذا التلاعب اللفظي لا يمكن فصله عن مسار طويل من السكوت الإداري المريب، الذي سمح لـ”فولكو” بالترامي على العقار، وتحويله إلى مخزن للمعدات البحرية، ومقرّ دائم لأنشطة تجارية، ومرفق غير مرخص للاستحمام، بعدما استولى على بئر مائي وحوّله إلى ما يشبه “دوشًا جماعيًا في الهواء الطلق”، مقابل إتاوات تُجبى من المصطافين… لصالح من؟ الله أعلم. أو لنقل بصيغة أكثر دقة: “من يعلمون ولا يتكلمون”.
ما يجري في رأس ورك لا يمكن اختزاله في خروقات بسيطة، بل نحن أمام نموذج صارخ لتفكيك القانون من الداخل، حيث يتحوّل العقار الجماعي إلى مشروع خاص يُدرّ الأرباح في غياب تام لأي وثيقة قانونية:
لا ترخيص، لا عقد، لا سند جبائي، ولا حتى محضر مزاد علني.
استمرار هذا الوضع – رغم وجود محاضر مفوضين قضائيين، وشهادات ساكنة، وتوثيقات مرئية وصوتية – يطرح السؤال الكبير: هل نحن أمام إدارة عاجزة، أم أمام إدارة متواطئة؟ وإذا كانت الجماعة لم تُدلِ حتى اليوم بأي ترخيص أو سند قانوني، وإذا كانت التقارير تُصاغ بلغة مائعة تُشبه مسكّنات فوق ورم، فمن يُحاسب من؟
ومن يحمي القانون، عندما يتحوّل إلى مجرد زينة لغوية في رفوف الإدارة؟
“سأنتحر!”… التهديد العاطفي بدل الوثيقة
في أحد الاجتماعات الرسمية التي انعقدت خلال فترة الرئاسة المؤقتة للمجلس الجماعي، وبحضور السيدة الصبّار، رئيسة المجلس آنذاك، طُلب من “فولكو” – بشكل مباشر – الإدلاء بأي سند قانوني يُبرّر استغلاله لعقار “كانتينا”. لكن، بدل تقديم الوثيقة، هدّد بالانتحار !
سلوك يُفترض أن يُعد ضغطًا مباشرًا على مؤسسة منتخبة، ومع ذلك لم يُقابل بأي إجراء قانوني، لم يُحرر بشأنه محضر، ولم يُعتبر عرقلة صريحة للتحقيق، بل مرّ مرور الكرام، كما تمرّ نسائم البحر في رأس ورك: منعشة للبعض، خانقة للبعض الآخر، بلا أثر في السجلات الرسمية.
والمعلوم أن هذا العقار الجماعي، موضوع الجدل، قد تم تحرير شهادة تصرّف مشبوهة بشأنه، في خرق فاضح لمقتضيات القانون، واغتصاب مكشوف للملك العام، تم تمريره بهدوء شديد، تحت مظلة الغموض الإداري، وكأن الجماعة قرّرت تصفية ممتلكاتها بالصمت، وتوزيعها بمنطق “من سبق أخذ”.
ما يجري في شاطئ تشارنا برأس ورك لا يخص العقار وحده، بل يُعبّر عن صورة أشمل لحالة التراخي المؤسساتي: عقار جماعي مستباح، قانون مغيّب، سلطة صامتة، وجماعة تتفرّج على الفوضى.
حين يصبح “التنين فولكو” هو الآمر الناهي في واحدة من أجمل بقاع الإقليم، وحين تُرفع تقارير مغلوطة إلى ممثل الدولة، وحين يُمارس استغلال بلا سند، وابتزاز بلا ردّ، فإننا أمام السؤال المُخيف: من يحمي الدولة من ضعف الدولة؟
وهذه ليست النهاية… بل مجرد بداية..في الحلقة الثانية، نفتح الصندوق الأسود لعلاقة “فولكو” ببعض الوجوه النافذة داخل الجماعة، ونكشف كيف تحوّلت “كانتينا” من حانة مهجورة إلى ورقة مقايضة سياسية ومصدر دخل غير معلَن، لا تُدرجه أي مصلحة جبائية، لكن تُدافع عنه جهات تعرف كيف “تسكت القانون”
“كانتينا”… حيث ينكسر القانون على صخرة الصمت، وتُوزّع الغنائم باسم “المصلحة العامة”.
14/07/2025