في خطوة وُصفت بأنها تتويج لمسار طويل من الالتزام بالمعايير المهنية، أعلنت مجموعة «ميدي 1» الإعلامية، بشقّيها التلفزيوني والإذاعي ومنصّتها الرقمية، تصدّرها قائمة المؤسسات الإعلامية الأكثر ثقة لدى الجمهور المغربي، وذلك وفق ما كشفه تقرير «معهد رويترز لدراسة الصحافة 2025». وأفاد التقرير أن 66% من المغاربة يثقون في قناة «ميدي 1 تي في»، بينما نالت إذاعة «ميدي 1» ثقة 64% من المشاركين، ما يعكس موقعًا متقدّمًا على الصعيدين الوطني والدولي، ويمنح المجموعة الإعلامية دفعة معنوية ومهنية في زمن تتزايد فيه الشكوك حول مصداقية المحتوى الإعلامي.
في بيانها الرسمي، ربطت «ميدي 1» هذا التتويج بثقة المواطنين الباحثين عن خدمة إعلامية مسؤولة، خاصة في سياق تتّجه فيه غالبية الجمهور – بنسبة 78% – إلى شبكات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار. ورغم ما وصفته القناة بـ«الإغراق الرقمي» الذي يطبع هذا الزمن الإعلامي، فإنها ترى أن الحاجة إلى منصات موثوقة ودقيقة ومتوازنة باتت أكثر إلحاحًا، مؤكدة أن مشروعها التحريري يشتغل بمنطق «الوضوح والحكمة» من منطلق مسؤولية إعلامية ترتكز على الصالح العام لا على الحسابات التجارية أو الإيديولوجية.
وتؤكد المجموعة، في السياق ذاته، أن خطها التحريري يقوم على أربعة أعمدة: الاستقلالية، دقة المعلومات، التعددية في الآراء، والشفافية. وتعتبر أن انتقالها من تقديم المحتوى بالفرنسية إلى الانفتاح على العربية والأمازيغية هو تجسيد لوعيها بالتنوع اللغوي والثقافي في المغرب، ومؤشر على إدراكها لدورها كوسيلة إعلام عمومية تُخاطب كل شرائح المجتمع، دون تمييز أو إقصاء.
وفي تعهد واضح بالحفاظ على هذا الزخم الإيجابي، شددت «ميدي 1» على التزامها بتحليل السياسات العمومية ومراقبة الفاعلين الحكوميين بـ«رؤية مسؤولة»، بعيدة عن الشعبوية أو الاصطفاف المسبق. واعتبرت أن تمكين المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين من فضاء إعلامي للنقاش الموضوعي والمعمّق هو جزء من رسالتها. كما عبّرت عن رفضها القاطع لأي تأثير خارجي على خطها التحريري، معتبرة أن استقلالية القرار التحريري شرط أساسي لممارسة صحافية نزيهة، تتّسم بالاحترافية والمصداقية، لا بالانحياز أو الدعاية.
يعزّز هذا الاعتراف الدولي ما تراكم لدى «ميدي 1» من تجربة إعلامية تُحسب بالعقود، إذ تجاوزت الأربعين سنة في الإذاعة، والخمسة عشر عامًا في التلفزيون، إضافة إلى انتشار مكاتبها محليًا (بين طنجة، الدار البيضاء، الرباط، أكادير) ودوليًا، وهو ما يمنحها قدرة تغطية واسعة للأحداث الوطنية والدولية. وترى المؤسسة في هذا الرصيد نقطة انطلاق لتكريس نموذج جديد لـ«الخدمة العمومية متعددة المنصات»، يعتمد على التكوين المتجدد للصحفيين، والاستثمار في التحقيقات الجادة، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في التقديم والتحرير والبث.
ويأتي هذا التتويج في سياق يعرف احتدام المنافسة الإعلامية محليًا، حيث تسعى قنوات وطنية وجرائد إلكترونية إلى كسب ثقة الجمهور وسط زحف المنصات العابرة للحدود، وتحوّل الإعلانات نحو الفضاء الرقمي. وبينما أصبحت «الثقة» عملة نادرة في سوق الأخبار، تراهن «ميدي 1» على رأس مالها الرمزي وخطها المتوازن لتعزيز موقعها كـ«قناة للجميع» وصوت للمصلحة العامة.
ختامًا، يضع تقرير «رويترز 2025» «ميدي 1» في واجهة المشهد الإعلامي المغربي بوصفها المؤسسة التي كسبت رهان الثقة. لكنها، في الآن نفسه، تبقى أمام تحدٍّ أكبر: أن تُترجم هذه الثقة الرقمية إلى مضمون حي، نابض، يحترم ذكاء المواطن، ويحصّن النقاش العمومي من الانزلاقات. فكما جاء في رسالة البيان: «الجمهور لا يطلب امتيازًا بل حقًّا»، وهي جملة تختزل فلسفة إعلامية جديدة تسعى إلى جعل المواطن شريكًا لا مجرّد مستهلك للخبر.
14/07/2025