kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا الرسمية تفتح تحقيقاً في “جريمة عيد ميلاد” لامين يامال  … نعم، عيد ميلاد!

إسبانيا الرسمية تفتح تحقيقاً في “جريمة عيد ميلاد” لامين يامال … نعم، عيد ميلاد!

في واحدة من أغرب فصول السياسة الإسبانية، قررت وزارة الحقوق الاجتماعية – بكل ثقلها وصرامتها – أن تتحرك عاجلاً وبدون تردد، ليس لأجل أزمة السكن أو موجة الكراهية ضد المهاجرين، بل للتحقيق في حفل عيد ميلاد لامين يامال! نعم، لاعب برشلونة الشاب، الذي تجرّأ – ويا للجرأة! – على الاحتفال ببلوغه 18 سنة وسط حضور “قصيري القامة”.

الجمعية الإسبانية للأشخاص المصابين بالتقزّم ADDE أطلقت الشرارة، بعدما اعتبرت أن وجود أشخاص من ذوي التقزّم ضمن فقرات الحفل “استغلال مهين”، لتلتقط الحكومة الفكرة وتحوّلها إلى “قضية وطنية”، وتكلف المدعي العام، وأمين المظالم، وحتى مكتب مكافحة جرائم الكراهية بالنظر في “الفضيحة”.

المفارقة؟ أن القانون الإسباني لا ينصّ حتى على عقوبات في مثل هذه الحالات، لكن من الواضح أن الحكومة أرادت أن تُظهر “حزمها الأخلاقي” ولو كان ذلك عبر التنقيب في كعكة عيد ميلاد.

المدير العام لشؤون الإعاقة، خيسوس مارتن، خرج ليصرّح – وكأنه يعلن حالة طوارئ – أن وزارته لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي أمام “الاستعراضات المسيئة”، وأن “الأثرياء وأصحاب النفوذ لا يحق لهم الاعتقاد بأنهم فوق القانون”. تصريح حازم، كان سيكون أكثر إقناعاً لو لم يكن بخصوص شاب مراهق قرر الاحتفال بعيد ميلاده بأسلوبه.

الحكومة، في المقابل، لا تخفي نيتها في توسيع قائمة “الجرائم الاجتماعية”، وتقترح فرض غرامات تصل إلى مليون يورو على كل من يجرؤ على تنظيم “عروض مصارعة الأقزام” أو أي نشاط يتضمن “سخرية أو تقليلاً” من شأن أصحاب الإعاقات. لكن يبدو أن أول من سيتعرض للعقاب… هو قالب الحلوى.

ربما كان من الأسهل لو دخل يامال في مشادة مع الحكم داخل الملعب، فذلك مقبول رياضياً. أما أن يختار مَن يشاركه لحظات الفرح، فتلك مسألة “تستحق المحاسبة”. المشهد يزداد عبثاً حين تدرك أن القضاء الإسباني لم يتحرك بهذه السرعة في قضايا كبرى تمس العنصرية أو التحريض، لكنه انتفض لأن أحدهم ظن أن الحفل “لم يراعِ مشاعر الأقزام”.

في بلدٍ يطالب فيه سياسيون من اليمين المتطرف بطرد المهاجرين علناً دون محاسبة، ويُعتدى فيه على مسلمي الأندلس لفظياً يومياً على منصات التواصل، يبدو أن “العدالة الانتقائية” لا تتحرك إلا عندما يكون المشتبه فيه لاعباً شاباً من أصول مغاربية، اسمه لامين، ونجمه في صعود.

إسبانيا الرسمية قررت، فجأة، أن حفلات الميلاد خطر على الأمن الأخلاقي للجمهورية. والآن، وبدلاً من الحديث عن تمييز أو عنف أو فساد، تحولت النقاشات إلى: “هل أهان يامال الأقزام وهو يقطع الكعكة؟”.

 

15/07/2025

Related Posts