kawalisrif@hotmail.com

يطالبونه ب “مدح الملك محمد السادس” … فنان إسباني يتحول إلى هدف لهجمات عنصرية بسبب دفاعه عن المهاجرين المغاربة

يطالبونه ب “مدح الملك محمد السادس” … فنان إسباني يتحول إلى هدف لهجمات عنصرية بسبب دفاعه عن المهاجرين المغاربة

في مشهد يكشف الوجه القبيح للعنصرية الرقمية المتصاعدة داخل إسبانيا، وجد الفنان الأندلسي المعروف خيسوس بيينبينيدو نفسه وسط عاصفة من التهديدات والشتائم، بعد أن عبّر علنًا عن تضامنه مع المهاجرين المغاربة في مدينة تورّي باتشيكو (إقليم مورسيا)، التي تشهد مؤخرًا توترات اجتماعية حادة أعادت إلى الواجهة خطورة التحريض اليميني ضد الأجانب، وخاصة المنحدرين من شمال إفريقيا.

بيينبينيدو، وهو أحد أبرز مؤلفي كرنفال قادش، نشر على حسابه في “إنستغرام” تدوينة ندّد فيها بما سماه “تفشّي ثقافة الكراهية والتطبيع مع خطاب العنف ضد المهاجرين”، مذكّراً بدور الفن في مقاومة العنصرية وبناء جسور التعايش بين الشعوب والثقافات.

لكن صوته الإنساني سرعان ما تعرّض لهجوم رقمي عنيف من طرف متطرفين، تجاوز الشتائم إلى رسائل تهديد مباشر، كان أبرزها رسالة من أحد سكان سبتة المحتلة، طالبته فيها، بسخرية لاذعة، بـ”تأليف أغنية لمدح الملك محمد السادس طالما أنه يدافع عن المغاربة”.

الفنان الإسباني رفض الرضوخ لابتزاز الكراهية، وأعلن، بشجاعة، أنه تقدّم بإنذار قضائي ضد صاحب الرسالة، وأن الملف سيُعرض على أنظار محكمة في سبتة، مؤكدًا:

“لن أتراجع عن الدفاع عن التعايش وحرية التعبير، فالفن لا يمكن أن يُختطف من قبل الكراهية”.

الخطوة قوبلت بإشادة واسعة في الأوساط الحقوقية والفنية، التي اعتبرت بيينبينيدو “ضميرًا حيًا في وجه عنصرية باتت تتغذى على هشاشة المجتمع الإسباني، ومآسي الضفة الجنوبية للمتوسط”.

ما جرى في تورّي باتشيكو بإقليم مورسيا ليس معزولًا، بل يأتي ضمن سياق أوسع يشهد تصاعدًا مقلقًا لنبرات التحريض ضد المغاربة في عدد من المدن الإسبانية، لا سيما سبتة ومليلية المحتلتين، حيث تروّج بعض الأطراف المتطرفة لنظريات المؤامرة والهجرة “الغازية”، وتستغل أي حادث فردي لتأجيج الرأي العام ضد الجالية المغربية، التي تُعد الأكثر عددًا وحضورًا في هذه المناطق.

وتكشف هذه الحملة كيف بات بعض الإسبان يستخدمون اسم الملك محمد السادس ليس فقط كرمز سياسي، بل كمحفز للتهكم والسخرية من المواقف المؤيدة للمغاربة، دون وعي منهم بأنهم، عن غير قصد، يُقرّون بمكانة الملك ودوره الفعلي في الدفاع عن كرامة مغاربة العالم، بل وفي ترسيخ حضور المملكة المغربية كفاعل إقليمي لا يمكن تجاهله.

بيينبينيدو لا يُمثّل فقط فنانًا، بل صوتًا أندلسيًا حرًّا من داخل المنظومة الإسبانية، يرفض الهيمنة الثقافية والانغلاق القومي، ويصرّ على أن الجنوب ليس تهديدًا، بل امتدادًا حضاريًا للهوية المتوسطية المشتركة.

ففي وقت تحاول فيه بعض وسائل الإعلام والفاعلين السياسيين تحميل المهاجرين مسؤولية مشاكل اجتماعية واقتصادية مركّبة، يأتي صوت الفنان ليُعرّي هذا الخطاب، ويُعيد الاعتبار للقيم التي قامت عليها الديمقراطيات الحقيقية: العدالة، المساواة، والكرامة الإنسانية.

الكرنفال الذي طالما كان منصة ساخرة لكشف تناقضات السلطة والشارع، تحوّل اليوم، بفضل أمثال بيينبينيدو، إلى جبهة فنية مقاومة لكل أشكال التطرف والعنصرية. أما المطالبة الساخرة بـ”مدح الملك محمد السادس”، فقد ارتدّت على أصحابها، بعدما وجدت صداها كإشارة رمزية إلى احترام القيادة المغربية داخل أوساط مثقفة إسبانية بدأت تدرك أن احترام الآخر يبدأ من احترام رموزه ومواطنيه.

15/07/2025

Related Posts