الدار البيضاء – كواليس الريف:
في مشهد لا يخلو من الدهشة والاستياء، استيقظ البيضاويون على قرار صادم قلب المعادلة الصحية في أكبر مدن المملكة: توقيف فوري ومفاجئ لتوزيع أدوية داء السكري التي كانت تُمنح مجاناً عبر مكاتب حفظ الصحة التابعة لجماعة الدار البيضاء. القرار، الذي لم تسبقه مؤشرات أو بلاغات تمهيدية، نزل كالصاعقة على مئات المرضى، خصوصاً من الفئات الهشة، التي وجدت نفسها فجأة بلا دواء… وبلا بديل.
الصدمة لم تكن فقط في التوقيت، بل في الصيغة الموحدة التي اعتمدتها مقاطعات المدينة، وكأن شيئاً ما يُطبخ خلف الكواليس. مصدر القرار: مراسلة رسمية من جماعة الدار البيضاء تستند إلى توصيات تقرير المجلس الجهوي للحسابات، الذي اعتبر أن الجماعة خرقت القانون بتوزيعها أدوية خارج الإطار القانوني، في إشارة إلى القانون 17.04 المنظم للصيدلة.
لكن، ورغم وجاهة المبررات القانونية، يطرح البيضاويون سؤالاً وجودياً: من يحمي صحة المواطن حين تتقاطع القوانين مع الحاجات الأساسية؟
الفراغ الذي خلفه القرار لا يُقاس فقط بعدد القنينات التي لم تُسلَّم، بل بعمق الأزمة الاجتماعية التي أشعل فتيلها، خاصة لدى مرضى مزمنين كانوا يعتمدون كلياً على تلك الخدمة المجانية لتأمين جرعات الأنسولين الشهرية.
في الأحياء الشعبية، ارتفعت الأصوات، وارتسمت ملامح الغضب على وجوه المسنين والمعوزين… فهل يعقل أن يُترك المواطن فريسة المضاعفات الصحية بحجة “الامتثال الإداري”؟
وبينما تصر الجماعة على أن القرار جاء “لحماية نفسها من التبعات القانونية”، تلوح في الأفق أزمة صامتة تكاد تنفجر: لا بدائل، لا خطة انتقالية، ولا حتى تواصل رسمي يهدّئ النفوس. أما الإشاعات، فقد وجدت التربة الخصبة لتنمو، في ظل صمت مريب من طرف المجالس المعنية.
في المقابل، تحركت جمعيات المجتمع المدني، تطالب وزارة الصحة بالتدخل الفوري، وتوفير آليات جديدة لتوزيع الأدوية، ولو بشكل استثنائي، إلى حين إيجاد تسوية قانونية دائمة.
وفي خضم هذا الغليان، لم يفوّت بعض الفاعلين السياسيين الفرصة لتصفية الحسابات وتبادل الاتهامات، في مشهد يكرّس الانطباع بأن صحة المواطن ليست سوى ورقة في صراع سلطات واختصاصات.
16/07/2025
