في بلد يستعد لاحتضان أكبر التظاهرات الرياضية ويستثمر مليارات الدولارات في بناء ملاعب فخمة بمواصفات عالمية، تتوارى خلف الأضواء قرى منسية تعاني الإهمال والفقر، ويكاد يُنسى معها المواطن البسيط.
في جماعة أربعاء تاوريرت بإقليم الحسيمة، الصورة قاتمة، الواقع مرّ، والغضب يتراكم تحت الرماد في انتظار لحظة الانفجار.
هنا حيث يسكن الهامش، تعيش ساكنة هذه الجماعة القروية تحت وطأة التهميش المزمن وغياب أبسط شروط الحياة الكريمة: لا طرق، لا ماء، لا خدمات صحية، ولا أفق تنموي.
ومن المفارقات الصادمة أن هذه المنطقة، التي ظلت لعقود خزانًا فلاحياً يغذي الأسواق المحلية بمنتجاتها الطازجة، أصبحت اليوم منطقة طاردة لأبنائها بفعل الإقصاء التنموي وعجز السياسات العمومية عن إنصافها.
الساكنة، التي تقطن على ضفاف وادي النكور، لم تعد تؤمن بالوعود. فكل ما سمعته طيلة السنوات الماضية من خطابات انتخابية رنانة وشعارات تنموية جوفاء لم يتجاوز عتبة المزايدات الموسمية. أما أرض الواقع، فبقيت على حالها: طرق متآكلة، عزل قاتلة، عطش دائم، وغياب تام لأي رؤية تنموية حقيقية.
وهل من المعقول أن تبقى جماعة بأكملها خارج دوائر التخطيط المحلي والإقليمي والجهوي؟
إن ما يحدث اليوم في أربعاء تاوريرت ليس مجرد تقصير، بل إجهاز ممنهج على الحق في العيش الكريم، وخرق صارخ لمبادئ العدالة المجالية التي يفترض أن يكون النموذج التنموي الجديد ضامنًا لها.
النتيجة الطبيعية لهذا الواقع الكارثي هو هجرة خيرة شباب المنطقة نحو المجهول، تاركين وراءهم أرضًا لا تطعم ولا تؤمن مستقبلًا.
لقد أصبحت تاوريرت رمزًا للفشل السياسي المحلي، ومثالا حيا على ما يحدث عندما يغيب الضمير وتغيب المحاسبة.
فاستمرار هذا العبث له ثمن. وليس بعيدًا اليوم الذي تتحول فيه أصوات الاستغاثة إلى احتجاجات غاضبة ، على السلطات المختصة، والمجلس الجماعي، والجهات الوصية أن تتحرك قبل أن يُكتب على هذه الأرض أن تظل ضحية لصمتهم وتقاعسهم.
16/07/2025