kawalisrif@hotmail.com

تحقيق خاص  :    كواليس الريف تكشف الحقيقة الكاملة لمحاولة سيدة بهولندا ربط إبنتها بصلب سلامة بالناظور

تحقيق خاص : كواليس الريف تكشف الحقيقة الكاملة لمحاولة سيدة بهولندا ربط إبنتها بصلب سلامة بالناظور

في زمن لم تعد فيه الحقيقة تنتظر إثباتًا، بل تكفيها صورة باهتة أو دمعة على “ستوري”، حيث تتحوّل المنصات الاجتماعية إلى غرف محاكمة افتراضية، وتُغذّيها شكايات فردية مسنودة بعواطف مصطنعة، يُعاد تشكيل الوقائع وفق هواها، دون حاجة لحجج أو مساطر قانونية. في هذا السياق، تخرج إلى العلن قضية مشوبة بشبهات الالتفاف والتضليل، تقدمها بعض الجهات في قالب إنساني، لكنها تفوح منه رائحة الاستغلال الرمزي لمؤسسة القضاء ومقام الملك.

إنها القضية التي تتبناها السيدة “زهراء عديوي” وابنتها “مريم”، والتي وجهتا فيها شكاية إلى القصر الملكي، تتهمان فيها أحد المستشارين البرلمانيين بإقليم الناظور بإنكار نسبهما إلى شقيقه الراحل مصطفى سلامة ، وهو برلماني سابق ، وحرمانهما من الإرث، في رواية مشبعة بالانفعال، لكنها فارغة من الدليل، وقاصرة عن بلوغ عتبة الإثبات.

في ذروة الضجيج الرقمي، احتفظت “كواليس الريف” بمسافتها النقدية، وتمسكت بمبدأ “التثبت قبل التفاعل”. لم ننجرّ خلف العناوين الجاهزة، بل بدأنا نبش التفاصيل في صمت، نرفض المتاجرة بالحزن، ونبحث عن الحقيقة بعيدًا عن الجوقة الافتراضية.

بل إن التزامنا المهني هذا لم يكن دون كلفة، حيث أدت حساسية الملف إلى توقيف مراسلنا المعتمد في هولندا بقرار نهائي من إدارة الجريدة منذ أكثر من سنتين، بعد ما تبين لنا حجم التشويش والمغالطة الذي أحاط بالقضية. ومنذها، بقي مكتبنا في “دين بوش” شاغرًا، في إشارة واضحة إلى أن الحقيقة أحيانًا تُطرد من الميدان حين تُزعج أصحاب “القصص المعلّبة”.

في سعي جاد لفهم الصورة من كل جوانبها، طرقنا أبواب العائلة، فوجدنا أمامنا صمتًا نبيلاً، ورفضًا لبقًا للخوض في قضية تُدار خارج أروقة المحاكم، وتُساق داخل منصات تحكمها “الفرجة” لا النصوص.

مصدر مقرّب من العائلة أوضح لـكواليس الريف أن مسألة النسب، كما تضبطها مدونة الأسرة المغربية (في الباب الثاني من الكتاب الأول)، لا تُركن إلى العواطف ولا إلى الادعاءات الانفعالية، بل تستند إلى أصول شرعية دقيقة، تستمد مرجعيتها من المذهب المالكي، وتُفصّلها المقتضيات القانونية الواردة في الدليل العملي لمدونة الأسرة.

وبحسب المصدر ذاته، فإن إثبات النسب – خصوصًا في الحالات التي يُشكّك فيها – لا يمكن أن يتم إلا بإحدى الطرق الثلاث: الزواج الصحيح، الإقرار بالبنوّة، الاستلحاق وفقًا لشروط صارمة تحددها المادة 160 وما يليها من المدونة.

فمن دون عقد زواج رسمي أو إقرار موثّق من الراحل قبل وفاته، فإن الحديث عن النسب يبقى مجرد دعوى بلا إثبات، لا تُؤسس عليها حقوق ولا ترتب إرثًا.

الوثيقة الموجّهة إلى القصر الملكي، والمؤرخة بـ 6 ماي 2025، التي تم تداولها على نطاق واسع، بدت وكأنها صدى لضغط نفسي أكثر منها وثيقة قضائية. فهي تكتفي بسرد مظلومية دون إرفاقها بأي دليل مادي، لا عقد زواج، لا اعتراف موثق، ولا حكم قضائي استئنافي أو ابتدائي.

وبالرجوع إلى الاجتهاد المالكي الذي اعتمدته مدونة الأسرة في باب النسب، فإن مجرد ادعاء النسب لا يُغني عن الإثبات، خصوصًا إذا لم يُقرّ به الأب في حياته أو لم يُلحِقه عبر القضاء وهو على قيد الحياة. أما بعد الوفاة، فيصبح الأمر أعقد، وتغدو مسألة “الاستلحاق” مشروطة بوجود دلائل قوية لا مجال فيها للخرق أو التأويل العاطفي.

نُذكّر أن مدونة الأسرة ليست مجرّد نص قانوني، بل هي عقد اجتماعي يوازن بين الشرع والحق، ويصون كرامة الأفراد دون أن يسمح بانتهاكها باسم العاطفة أو الشعبوية. وهي مدونة لم تُصغّ لتُتجاوز، بل لتُحترم عبر مساطر دقيقة، تراعي العدالة لا الانفعال.

ولذلك، فإن أي محاولة للالتفاف على هذه المساطر، عبر رسائل موجهة للقصر أو “حملات فيسبوكية”، تُعد انزياحًا عن منطق الدولة والمؤسسات، وتضع القضايا الخاصة في خانة “المزايدات العمومية”، وهذا ما نرفضه كليًا.

قد تُخدع القلوب، لكن المدونة لا تخدع.

قد يُربكك المظهر، لكن المذهب المالكي لا يربكه البكاء.

قد تتساهل صفحات الفيسبوك، لكن القانون لا يُجامل ولا يُرَجّح إلا بالدليل.

فمن لم يَثبُت له النسب، لا يرث. ومن لم يقرّ به الوالد في حياته، فلا تنتزعه العاطفة من بعد وفاته.

وفي المغرب، لا تُثبت البنوة ببلاغ قنصلي، ولا تُستخرج الوراثة من حساب فيسبوكي، بل من نصوص الشريعة وقواعد العدالة.

أما كواليس الريف، فستظل حيث يجب أن تكون:
ضميرًا مهنيًا لا يُجامل، ولسانًا للحقيقة لا يخشى الصراخ، ودرعًا ضد المتاجرة بقضايا لا تحسمها الكاميرات، بل تحسمها المحاكم.

16/07/2025

Related Posts