خلال التحركات البيئية خلال صيف هذا العام، تستعد فعاليات مدنية بمدينة بني انصار لإطلاق المرحلة الثالثة من مبادرة “رد الاعتبار”، التي تروم هذه المرة إنقاذ الشريط الساحلي بوقانا–ميامي، أحد أبرز جواهر الطبيعة بإقليم الناظور، والذي يشهد تدهورًا بيئيًا مقلقًا يُنذر بعواقب وخيمة على التوازن الإيكولوجي والمستقبل السياحي للمنطقة.
المبادرة، التي تقودها جمعية “إثري الريف الناظوري للرياضات المائية والجبلية”، تأتي بشراكة نوعية مع مؤسسة “مغاربة العالم” ومطعم “كوستا ريستو”، في نموذج حيّ للتعاون البيئي العابر للحدود، وتجسيد فعلي لمبدأ “البيئة مسؤولية جماعية”.
وتُعدّ هذه النسخة امتدادًا للنجاح الميداني الذي حققته الحملة في نسختيها السابقتين بكل من غابة كوروكو ومنتزه إكوناف، حيث تمكّن المتطوعون من جمع أزيد من 700 كيس كبير من النفايات الصلبة والبلاستيكية، في مشهدٍ أعاد الاعتبار لقيمة العمل التطوعي البيئي ورسّخ صورة مشرفة للمجتمع المدني النشيط والملتزم.
وقد انطلقت التحضيرات لهذه النسخة فعليًا، حيث تُجري اللجنة التنظيمية سلسلة لقاءات تشاورية مع السلطات المحلية – من باشوية وقيادة – من أجل تأمين دعم مؤسساتي فعّال يُعزّز من فرص نجاح الحملة، خاصة في ظل ضعف البنية البيئية وغياب رؤية واضحة لدى بعض الجهات الرسمية، وعلى رأسها وكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا، التي تُواجه انتقادات متزايدة بسبب غموض التدبير وضعف أثر تدخلاتها على أرض الواقع.
ويمتد الشريط الساحلي بوقانا–ميامي على مساحة فريدة تجمع بين البحر الأبيض المتوسط وبحيرة مارتشيكا، ويُصنّف ضمن المواقع البيئية النادرة من حيث التنوع البيولوجي، والتوازن الإيكولوجي، وجمال المنظر الطبيعي. إلا أن التهديدات الناجمة عن التلوث البلاستيكي، وغياب التجهيزات الأساسية، وانتشار الممارسات التخريبية، تُهدد هذا الفضاء بفقدان قيمته البيئية والاقتصادية.
أبرز محاور المبادرة:
-تنظيم حملات نظافة مكثفة على امتداد الشاطئ
-إطلاق ورشات تربوية للأطفال واليافعين حول التربية البيئية
-نشر ملصقات توعوية ولافتات إرشادية لمرتادي الشاطئ
-تفعيل حملة رقمية تفاعلية على مواقع التواصل تحت وسم: #أنقذوا_بوقانا
وفي تصريح خاص للجريدة، أوضح أحد المنسقين الرئيسيين للمبادرة: “لسنا بصدد حملة تنظيف عابرة، بل نطلق نداءً للتفكير في علاقتنا بالبحر والبيئة والهوية المجالية. البحر ليس ملكًا خاصًا لأحد، بل هو إرثٌ جماعي. وكل كيس نفايات يُجمع هو خطوة لحماية مستقبل أبنائنا”.
النسخة الثالثة من “رد الاعتبار” تتجاوز بعدها البيئي لتفتح نقاشًا حيويًا حول التنمية المستدامة والحكامة المجالية. فالمبادرة، رغم تواضع مواردها، تحمل رسالة قوية: حين يتحرك المجتمع المدني بوعي ومسؤولية، يصبح فاعلاً مركزيًا في رسم السياسات البيئية وإنقاذ المجال.
ومن المنتظر أن تُعلن اللجنة المنظمة، خلال الأيام المقبلة، عن التاريخ الرسمي لتنظيم هذه المبادرة البيئية الميدانية، وسط ترقّب واسع من ساكنة المنطقة والمتتبعين، الذين يرون فيها فرصة لإعادة الاعتبار ليس فقط لبوقانا، بل لصورة إقليم الناظور ككل، باعتباره مجالًا حيويًا يطمح إلى موقع متقدم بين الأقاليم الساحلية المغربية.
17/07/2025