الرباط : كواليس الريف
في زمن تتزايد فيه التحديات التي تواجه الشباب وهجرة الكفاءات، تبرز قصص نجاح تبعث الأمل والفخر. وقصة المهندس المغربي الشاب رشيد عمروس هي واحدة من هذه النماذج الملهمة التي تؤكد أن الطموح والعزيمة قادران على تجاوز الحدود، وأن أبناء المغرب يمكنهم ترك بصمة مميزة في أعرق المؤسسات العالمية.
ابن “ولاد فرج” في قلب دكالة، لم يكن رشيد طالبًا متفوقًا فحسب، بل كان شغوفًا بالعلم والمعرفة منذ نعومة أظافره. بدأت رحلته الأكاديمية من جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، حيث تخرج الأول على دفعته في تخصص الكيمياء سنة 2006، في انطلاقة كانت الشرارة الأولى لمسيرة علمية وبحثية واعدة.
لم يكتفِ رشيد بالتفوق المحلي، بل حمل طموحه إلى أوروبا، حيث واصل دراساته العليا في فرنسا، متحصّلًا على شهادتي الماجستير والدكتوراه في كيمياء التحفيز. لم يكن اختياره لهذا التخصص اعتباطيًا، بل كان مدفوعًا برؤية علمية واضحة نحو الابتكار والتأثير. تمحور بحثه حول تطوير بدائل أقل سمية لمادة الهيدرازين، وهي مادة دافعة أساسية تُستخدم في الأقمار الصناعية. وقد حظي هذا البحث باهتمام واسع، نظرًا لأهميته في تعزيز السلامة البيئية والإنسانية في مجال الفضاء.
وشكّلت مسيرته المهنية قفزة نوعية؛ فبعد سنوات من العمل في الوكالة الفضائية الفرنسية والتعاون مع شركات عالمية كبرى، انتقل إلى اليابان، حيث انضم إلى واحدة من أعرق المؤسسات البحثية في العالم، وكالة الفضاء اليابانية (JAXA). هناك، في قلب الابتكار التكنولوجي، يواصل رشيد عمله كمهندس باحث، مشاركًا في مشاريع عالمية تهدف إلى تطوير أنظمة دفع الأقمار الصناعية، ما يعزز من حضور المغرب في مجال البحث العلمي والتكنولوجي.
ولم يكن هذا النجاح وليد الصدفة؛ فقبل انضمامه إلى JAXA، حصل رشيد عمروس على جائزة أفضل عرض علمي في مؤتمر دولي بكندا، وهو تكريم دولي يعكس مكانته العلمية ومساهماته المتميزة في مجال البحث.
اليوم، لا يُعد رشيد مجرد باحث مغربي في مؤسسة عالمية، بل يمثل سفيرًا للعلم والمعرفة، ووجهًا مشرفًا للمغرب على الساحة الدولية. قصته شهادة حيّة على أن الإيمان بالذات، والمثابرة، والعمل الجاد، هي مفاتيح النجاح، مهما كانت البدايات متواضعة. إنها دعوة مفتوحة لكل شاب مغربي ليؤمن بقدراته، ويشق طريقه نحو التميز، ويساهم في رفع راية وطنه عاليًا.
17/07/2025