kawalisrif@hotmail.com

محمد الصغير نائب رئيس جماعة بني أنصار يُفجّر صمت الرباط ويُربك حسابات مدريد

محمد الصغير نائب رئيس جماعة بني أنصار يُفجّر صمت الرباط ويُربك حسابات مدريد

في تحليل معمق تناولته صحيفة لارازون، برز صوت محلي قوي من عمق منطقة الحدود ليُحدث زلزالًا في المشهد السياسي المغربي والإسباني، بعد سنوات من الصمت الرسمي حول ملف سبتة ومليلية المحتلتين. محمد الصغير، نائب رئيس جماعة بني أنصار، لم يكتفِ بالكلام المعتاد، بل أطلق رسالة سيادية واضحة وصادمة، معلنًا أن مليلية ليست إسبانية ولن تكون كذلك أبدًا.

في ظل غياب مواقف واضحة وصريحة من المؤسسات السياسية المغربية، خصوصًا من الجهات المكلفة بحماية السيادة الوطنية، كانت مبادرة الصغير العضو الجماعي المحلي ، بمثابة كسر للصمت، وكشف لهشاشة الموقف الرسمي الذي يبدو وكأنه يتعامل مع ملف الثغور كأمر محصور بين المكاتب المغلقة والمراسم الدبلوماسية. فبدون إذن أو غطاء حزبي، وبعفوية شعبية نابعة من قلب الحدث، أعاد محمد الصغير طرح القضية الوطنية بأسمى صورها.

التدوينة التي أطلقها الصغير لم تكن مجرد كلمات على وسائل التواصل الاجتماعي، بل تحولت إلى حدث سياسي وطني لفت أنظار مدريد وأثارت قلق أجهزتها الأمنية والسياسية. فكيف لا والكاتب منتخب رسمي، يباشر عمله على بعد أمتار من الأسلاك الشائكة التي تفصل مليلية عن الأرض المغربية، ويقترح تصعيدًا رمزيًا عمليًا في ظل ظروف إقليمية دقيقة.

وفي خطوة أكثر جرأة، اقترح محمد الصغير أن يتحول يوم 17 شتنبر، الذي تحتفل فيه إسبانيا بما تسميه “ذكرى الحكم الذاتي لمدينة مليلية”، إلى يوم وطني مغربي للكرامة والمقاومة، لتتحول مناسبة احتفالية استعمارية إلى رمز لمقاومة الاحتلال واستعادة السيادة الوطنية.

وفي سياق متصل، انطلقت حملات شعبية ميدانية داخل سبتة ومليلية من قبل مواطنين ونشطاء مغاربة، تطالب بإلغاء الإجراءات الجمركية المعقدة والعودة إلى النظام القديم الذي يسمح للسكان المجاورين لعبور الحدود دون تأشيرات أو جوازات سفر، كما كان معمولًا به سابقًا. وما يثير الانتباه هو أن هذه الحملات تجري بدون أي دعم رسمي أو مرافقة إعلامية، مما يعكس فجوة كبيرة بين نبض الشارع وركود مؤسسات الدولة.

هذه المبادرة الشعبية تمثل تعبيرًا حقيقيًا عن معركة الكرامة التي يخوضها سكان المدينتين، الذين لا يطلبون الجنسية المزدوجة، بل يطالبون بإزالة القيود الاستعمارية وإعادة حقهم الطبيعي في العيش بحرية وكرامة، بعيدًا عن السور والقوانين التي تحاصرهم.

أما على المستوى الرسمي، فقد شكّل موقف محمد الصغير صفعة على وجه اللامبالاة السياسية. إذ لم يستشر أي جهة، ولم ينتظر الضوء الأخضر من الرباط، بل عبر بصراحة عن موقف شعبي ووطني يحرك المياه الراكدة، ليترك مدريد تعيد حساباتها أمام صوت لم تعتد مواجهته.

الدرس الأكبر هو أن السيادة لا تُدار من وراء المكاتب الفخمة في العاصمة، بل تُستعاد من الأرض ومن صوت المواطنين الذين يعايشون الواقع اليومي. ومع تصاعد أصوات مثل محمد الصغير، تصبح معادلة العلاقة مع مدريد واضحة: لا شراكة استراتيجية حقيقية دون حل ملف سبتة ومليلية، ولا كرامة وطنية بدون إنهاء الاحتلال الرمزي والجغرافي.

وفي خضم هذه التطورات، لا يمكن تجاهل الدور المثير للجدل لبعض الأسماء السياسية الإسبانية التي تُشعل فتيل التوتر عبر مواقفها المتطرفة. من بينهم سانتياغو أباسكال، رئيس حزب ڤوكس، وجوزيه ماريا أزنار، زعيم الحزب الشعبي سابقًا، الذين يتبنون توجهات حادة تدعم استمرار الاحتلال وتدفع نحو سياسة الانفصال. في المقابل، يشيد محمد الصغير بحكمة العلاقات المتينة بين الرباط ومدريد، مؤكدًا أن القيادة المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس – حفظه الله – تبقى البوصلة الحقيقية التي توجه المملكة نحو بر الأمان، مع الإصرار على حل القضية الوطنية الأولى، الصحراء المغربية، وكذا الملف الشائك لسبتة ومليلية المحتلتين، بحكمة وبعد نظر.

المعركة بدأت بالفعل، ومن لم يسمع صوت محمد الصغير اليوم، فسيكون عليه أن يصغي لصوت الشعب غدًا.

وفي رد صريح وقوي على حاكم مليلية المحتلة، أكد محمد الصغير بأن: “مليلية لن تكون أبداً إسبانية، فهي جزء لا يتجزأ من تراب قبيلة قلعية في الريف المغربي. يا إمبروضا، فلتفهم التاريخ قبل أن تتحدث باسم ما لا تملك!”

هذه الكلمات تعبّر عن عمق الارتباط التاريخي والثقافي بين مليلية والمغرب، وتضع حداً لأي ادعاءات زائفة تستند إلى الاحتلال والاستعمار. التاريخ واضح، والأرض لا تنسى، ومليلية مغربية بأهلها وترابها، مهما طال زمن الاحتلال.

في الوقت الذي يصرخ فيه صوت بني أنصار معلنًا سيادة وكرامة، لا يزال البعض في قاعات الاجتماعات الرفيعة يفضلون “التنازل الدبلوماسي” و”الصمت الجميل”، متوهمين أن المشكل سيُحل بالسحر أو بدعوات موجهة في المناسبات الرسمية. ربما يحين الوقت ليعرف هؤلاء أن السيادة ليست لوحة تُعلق على جدران السفارات، بل هي أرض وأهل وأمل… وأن شعوب الأرض لا تنتظر إذنًا لتكتب تاريخها. هل يستيقظون قبل فوات الأوان؟

 

17/07/2025

Related Posts