kawalisrif@hotmail.com

العقاب للخارجين عن القانون … ممتلكات أباطرة المخدرات تتحول إلى تمويل لمحاربة الإدمان في سبتة ومليلية المحتلتين

العقاب للخارجين عن القانون … ممتلكات أباطرة المخدرات تتحول إلى تمويل لمحاربة الإدمان في سبتة ومليلية المحتلتين

في مفارقة تكشف وجهًا آخر لسياسات مدريد الملتبسة، أعلنت وزارة الصحة الإسبانية تخصيص 8.2 مليون يورو من عائدات ممتلكات صودرت من شبكات تهريب المخدرات، لتمويل برامج مكافحة الإدمان في مختلف الأقاليم، بما في ذلك سبتة ومليلية المحتلتين. هذا التمويل، الذي جاء ضمن أشغال “المؤتمر القطاعي لخطة الدولة حول المخدرات”، يسلّط الضوء على مفارقة صارخة: عائدات تجارة غير شرعية تمرّ عبر الثغرين، يعاد تدويرها اليوم لإظهار إسبانيا بمظهر “الدولة الراعية للصحة العامة”.

الاجتماع، الذي ترأسته وزيرة الصحة مونيكا غارسيا، أقرّ توزيع أموال “صندوق الممتلكات المصادرة” على الأقاليم، مستندًا إلى معايير تشمل عدد السكان (60%)، صعوبة الوصول الجغرافي (20%)، درجة تفشي الإدمان والوفيات المرتبطة به (10%)، إلى جانب نسبة توزيع متساوية (9%) تشمل “مكافأة خاصة” موجهة إلى سبتة ومليلية المحتلتين، بحجة “خصوصيتهما الجغرافية والإدارية”. أما 1% المتبقية، فخُصصت لتمويل مبادرات تُقترح من طرف الأقاليم نفسها، ما يمنح هامشًا إضافيًا لبعض المناطق لمراكمة المشاريع.

هذا القرار يفتح الباب لتساؤلات عميقة حول طبيعة الدور الذي تلعبه سبتة ومليلية في شبكات الاتجار الدولي بالمخدرات. فالثغران المحتلان، الخاضعان لسيطرة إسبانية منذ الحقبة الاستعمارية، شكّلا تاريخيًا بؤرًا رمادية لتجارة التهريب، مستفيدين من موقعهما الجغرافي الحساس وضعف الرقابة الحدودية. واليوم، بدل مساءلة هذا الواقع وتفكيكه، تُوظَّف أمواله السوداء لإعادة تلميع وجه الاحتلال عبر ما يُسمّى بسياسات الرعاية الاجتماعية.

من زاوية مغربية، يُطرح السؤال بحدة: كيف يمكن اعتبار سبتة ومليلية “مناطق ضحية” تحتاج إلى دعم خاص، بينما هما في الحقيقة جزء من مشكلة أوسع تتعلق بالتهريب الدولي، وغسيل الأموال، والانفلات الأمني؟ والأدهى أن المغرب، الذي يتحمّل عبء هذه الأنشطة العابرة للحدود، يُقصى من أي تصور تشاركي حقيقي لمحاربة هذه الظواهر، رغم أنه خط الدفاع الأول في وجه التهريب نحو أوروبا.

وفي مفارقة لا تقل عبثًا، تُعرض في إسبانيا سيارات “الناركو” ومنازلهم في مزادات علنية تُدر الملايين، بينما تُضخ عائداتها في برامج علاج المدمنين، حتى في المناطق المحتلة من الأراضي المغربية. أما في الضفة الجنوبية، فيُواصل المغرب إحراق أطنان من الحشيش المحجوز تحت حراسة أمنية مشددة وعدسات التلفزيون الرسمي، فيما ترتفع سحب الدخان على أنقاض فرص استثمارية ضائعة.

الفرق واضح: إسبانيا تُتاجر في بقايا الجريمة وتحوّلها إلى تنمية، بينما المغرب يكتفي بالحرق… والحسرة. فهل نُواصل تغذية العدالة الأخلاقية بالنار، أم آن الأوان لنفكر في عدالة اقتصادية تضع حداً لنزيف الثغور المحتلة؟

18/07/2025

Related Posts