رست سفينة “ريو سيغورا”، أكبر قطع الحرس المدني الإسباني البحرية، يوم الخميس 18 يوليوز 2025 في ميناء مدينة مليلية المحتلة، ضمن ما وصفه الإعلام الإسباني بـ”توقف مبرمج” في إطار دوريات الحرس المدني في غرب المتوسط وبحر البوران.
الخبر الذي نشرته صحيفة محلية ، احتفى بقدوم هذه السفينة، واعتبرها “رمزًا للأمن البحري الإسباني”، ومكونًا أساسيًا في “مكافحة الهجرة غير النظامية، والتهريب، والصيد غير المشروع، والجريمة المنظمة، وحماية البيئة البحرية”. إلا أن السكوت المتعمَّد عن البُعد السياسي والجغرافي لهذا التوقف يشي بأكثر مما يُقال.
في الظاهر، يأتي رسوّ السفينة في سياق مهام بحرية ذات طابع أمني وإنساني، تشمل الإنقاذ في عرض البحر، والتنسيق مع فرق التدخل والإنقاذ (NIR). غير أن التوقيت، والمكان، وطبيعة السفينة، كلها عوامل تُخرج الحدث من إطاره الأمني التقني، وتدخله في إطار “تكريس السيادة المزعومة” لإسبانيا على مليلية، في وقت تعيش فيه العلاقات المغربية-الإسبانية على إيقاع التوازنات الحساسة والرهانات السيادية.
فمن غير المقبول أن تُقدَّم مدينة مغربية محتلة على أنها “نقطة توقف سيادي” لقوات عسكرية أجنبية، وتُحوَّل من مسرح للمطالبة بالتحرير، إلى منصة لتدشين عتاد أمني، وتعزيز تواجد قوات الحرس المدني في البحر المتوسط.
سفينة “ريو سيغورا”، التي توصف بأنها “حاملة المهام السيادية البحرية”، تتمتع بإمكانيات متطورة، بدءًا من التجهيزات التكنولوجية، وصولًا إلى القدرات القتالية والإدارية، وتُمثل ما يُشبه “قاعدة بحرية متنقلة” تخدم أجندات مدريد في الضفة الجنوبية من المتوسط.
وبينما تصفها الصحف الإسبانية بكونها “درعًا ضد الهجرة والمخدرات”، فإن رسوّها في مليلية لا يمكن قراءته إلا كـرسالة سياسية موجَّهة للمغرب، تُعيد التأكيد على رغبة إسبانيا في الحفاظ على الوضع الاستعماري القائم، في تناقض صارخ مع منطق الجغرافيا والتاريخ والقانون الدولي.
الأكثر دلالة في التقرير الإسباني هو ما ورد حول تسليم معدات جديدة لفريق الإنقاذ البحري NIR، وتعزيز قوات الحرس المدني في مليلية بزوارق جديدة، مما يُحوِّل المدينة المحتلة إلى مركز دعم لوجستي بحري إسباني يخدم مشروعًا توسعيًا يربط البحر بالبر، والسياسة بالأمن، والاستعمار بالتطبيع.