ما تزال الأوساط الصحية بجهة فاس تحت وقع الصدمة، إثر الجريمة البشعة التي راح ضحيتها طبيبة تعمل بالمديرية الجهوية للصحة، على يد زوجها الطبيب بمستشفى الغساني. الجريمة المروعة انتهت بدفن جثة الضحية في حديقة منزل عائلة الجاني بمركز جماعة أحد أولاد زباير بإقليم تازة، قبل أن يختفي عن الأنظار هاربًا نحو وجهة مجهولة.
الطبيبة التي اشتهرت بالتزامها المهني وتفانيها في خدمة مرضاها منذ بداياتها في مستشفى تازة، ثم كرسيف، وصولًا إلى فاس، رحلت بطريقة مأساوية تركت ألمًا بالغًا في نفوس أسرتها وزملائها وزميلاتها في العمل، خاصة بعد العثور على جثتها مبتورة الرجلين، مخبأة تحت التراب في حديقة منزل عائلة زوجها.
قبل أيام من الجريمة، شاركت الضحية في دورتين تكوينيتين لفائدة أطر الرعاية الصحية الأولية في الوسطين القروي والحضري. وقد ودعت زملاءها بعد انتهاء الدورة التدريبية يوم الجمعة الماضي، والتقطت معهم صورة تذكارية، دون أن يدرك أحد أنها ستكون آخر ظهور لها بينهم.
انقطاعها المفاجئ عن العمل وعدم الرد على الاتصالات دفع الإدارة إلى التحرك لاستفسارها، في وقت كان زوجها قد تقدّم بشكاية لدى الشرطة، مدعيًا أن زوجته غادرت بيت الزوجية دون إذنه وأنه يجهل مصيرها ومكان وجودها.
التحقيقات الأمنية التي استُخدمت فيها تقنيات تتبع الهواتف المحمولة، قادت إلى تحديد موقع تواجد هاتف الطبيبة في محيط مركز أحد أولاد زباير. بالتنسيق مع عناصر الدرك الملكي، تم استخدام كلاب بوليسية مدربة عثرت على حفرة حديثة الحفر، تبيّن لاحقًا أنها تضم جثة الطبيبة.
النيابة العامة أمرت بتشريح الجثة وفتح تحقيق شامل في ملابسات الجريمة، بينما صدرت مذكرة بحث وطنية في حق الزوج الفار. غير أن ما زاد الشكوك تعقيدًا، هو الحادث الذي وقع قبل أيام من الجريمة، حين حضر شقيق الطبيب –وهو طبيب يقيم بفرنسا– إلى مقر المديرية الجهوية للصحة وافتعل فوضى، متهمًا أحد موظفيها بإقامة علاقة غير شرعية مع زوجة شقيقه.
الحادث تطلب تدخلاً أمنيًا وفتح تحقيق، كما يُنتظر إخضاع هاتف الشقيق لتحليل تقني لمعرفة ما إذا كانت هناك اتصالات أو رسائل غير معتادة بينه وبين الضحية.
وفي وقت تواصل فيه الأجهزة الأمنية تحرياتها لفك خيوط هذه الجريمة البشعة، يخيّم الحزن على الوسط الصحي الذي فقد إحدى أبرز كوادره في ظروف غامضة ومؤلمة، فيما يبقى مصير الجاني مجهولًا حتى اللحظة.
18/07/2025