kawalisrif@hotmail.com

“مصالحة”… تجربة رائدة تعيد تشكيل الوعي لدى 390 “إرهابيا” داخل أسوار سجن سلا

“مصالحة”… تجربة رائدة تعيد تشكيل الوعي لدى 390 “إرهابيا” داخل أسوار سجن سلا

 

في قلب السجن المحلي بسلا، وبين جدران لطالما احتضنت وجوهاً أضناها الفكر المتطرف، يُسدل الستار على الدورة السابعة عشرة من برنامج “مصالحة”، الذي بات عنوانًا لمسار مختلف يسلكه المحكومون في قضايا الإرهاب والتطرف.

منذ انطلاق هذا البرنامج التأهيلي الفريد، استفاد منه 390 نزيلاً، كما أعلن أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، ورئيس مركز مصالحة، الذي يقود هذا المشروع الطموح.
وقال عبادي إن البرنامج يُبنى على ثلاثة محاور رئيسية: مصالحة الفرد مع ذاته، عبر تدخلات خبراء في علم النفس؛ ثم مصالحة مع المجتمع، تؤطرها لقاءات قانونية وحقوقية تعرف النزلاء بمؤسسات الدولة وتشريعاتها؛ وأخيرًا، وربما الأهم، مصالحة مع النص الديني، وهو الجانب الذي يهدف إلى تفكيك المفاهيم المغلوطة التي تُستغل في جرّ الشباب نحو دوائر العنف.

المقاربة التي يعتمدها البرنامج ليست أمنية فقط، بل إنسانية وفكرية أيضًا. عبد الواحد جمالي الإدريسي، المنسق العام لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، أوضح أن “مصالحة” يُعد نموذجًا فريدًا في العالم العربي من حيث شموليته وتنوع المتدخلين فيه. وأكد أن المواجهة الفكرية للإرهاب لا تقل أهمية عن المقاربة الأمنية، بل تُكملها وتعمّق أثرها.

ومن زاوية قانونية، أشار هشام ملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، إلى أن البرنامج لا يكتفي بإعادة التأهيل، بل يُعدّ أيضًا خطوة نحو توسيع آفاق الإفراج المشروط، من خلال تحفيزات ترتبط بمدى تجاوب النزيل مع مضامين البرنامج واستعداده للاندماج مجددًا في المجتمع.

ولم تتوقف جهود مركز “مصالحة” عند هذا الحد، بل شملت أيضًا برامج خاصة باليافعين (دون العشرين عامًا)، الذين تم استهدافهم بتأهيل نفسي وفكري مبكر. كما أُطلقت مبادرة “التثقيف بالنظير”، التي تهدف إلى الوقاية من التطرف بين سجناء الحق العام، لتشمل أكثر من 22 ألف نزيل.

وفي إطار توسيع دائرة الأثر، استفاد مئات النزلاء من برامج محاضرات علمية وتثقيفية، بينما حظي 79 نزيلاً من خريجي “مصالحة” ممن لا يزالون رهن الاعتقال بمواكبة نفسية، دينية، اقتصادية، واجتماعية – استعدادًا لمرحلة ما بعد السجن.

وفي خطوة لتعزيز الشفافية والتواصل، أطلق المركز حديثًا بوابته الإلكترونية الرسمية، حاملة معها رؤية واضحة: أن مكافحة الفكر المتطرف تبدأ من الداخل… من عقل الإنسان وقلبه.

 

18/07/2025

Related Posts