kawalisrif@hotmail.com

بين انفلات الصحافة واستعلاء الاحتلال … مدريد تصاب بإسهال إعلامي في قضية مواطنة مغربية من سبتة المحتلة

بين انفلات الصحافة واستعلاء الاحتلال … مدريد تصاب بإسهال إعلامي في قضية مواطنة مغربية من سبتة المحتلة

في فصل جديد من التهافت الإعلامي الإسباني وتخبط سلطات الاحتلال في سبتة ومليلية المحتلتين، أقدمت صحيفة “OkDiario”، المعروفة بنزعتها الشعبوية واليمينية، على شن حملة تشويه مفضوحة ضد مواطنة مغربية من أصل أمازيغي، لا لشيء سوى لأنها حضرت لقاء إنساني هدفه مناقشة معاناة الساكنة المقصية في الثغور المحتلة.

الصحفية “نعيمة أ.” تحولت في رمشة قلم إلى “انفصالية متطرفة”، فقط لأن خيال بعض الأقلام المأجورة في مدريد قرر أن يربط بين صورة جماعية عفوية و”نشاط تخريبي” ضد تمثال استعماري في مليلية!

لكن ما لم تحسب له جوقة التضليل الإسبانية حسابًا هو أن هذه المرأة ليست من النوع الذي يُؤكل في صمت. فقد خرجت نعيمة لتفضح الرواية الزائفة، وتكشف المستور عن خلفيات حملة التشويه، مؤكدة أنها لا تنتمي لأي تنظيم سياسي أو تيار انفصالي، بل تم استغلال وجودها في لقاء بسيط نُظم ببادرة فردية من صانع محتوى مهتم بقضايا الحدود، لتُلبس زورًا لباس الأجندات.

من المؤسف أن تتحول صحافة بكامل عدتها التحريرية إلى مجرد أدوات في يد إدارة فاشلة تسعى بكل قواها لتكميم الأفواه، حتى لو كانت هذه الأفواه تنطق فقط بمعاناة الطوابير في المعبر الحدودي أو تندد بالتهميش الاجتماعي.

المفارقة أن بعض الصحف الإسبانية تتحدث عن “الوحدة الوطنية”، بينما تسابق الزمن لتشويه أي سبتاوي أو مليلوي لا يسبّح بحمد “السيادة المزعومة”. وكأن الولاء للوطن المحتل لا يُقاس بالنزاهة والاحترام، بل بعدد الشتائم الموجهة لكل من يتحدث عن واقع الحصار، أو يجالس مغاربة خارج أسوار الثغور المحتلة.

الرد كان واضحًا: نعيمة ستقاضي الصحيفة والكاتب، ولن تقبل أن تتحول إلى مادة خام في ماكينة الدعاية البائسة التي تسعى لاستنزاف ما تبقى من مصداقية إعلام مدريد. بل طالبت بسحب المقال فورًا، والاعتذار العلني عن الافتراءات التي مسّت شرفها ومكانتها الاجتماعية.

وحتى حين تذكّرت نعيمة جدها الذي حارب في صفوف الجيش الإسباني زمن الحماية، لم يكن ذلك لتقديم أوراق اعتماد، بل لتسليط الضوء على عبثية اتهامها بالعداء لإسبانيا، وهي سليلة عائلة قدّمت دماءها يوم كانت مدريد في حاجة إلى رجال من الريف.

إن هذه الواقعة ليست استثناء، بل هي جزء من مسلسل رديء الإخراج، تحاول من خلاله بعض الجهات في مدريد إطفاء نيران الإحراج السياسي بإشعال حرائق إعلامية ضد الأبرياء. لكنهم نسوا أن من شبّ على حب الوطن لا يرعبه تهريج صحافة صفراء، ولا افتراءات سلطات منهكة في شرعيتها.

من سبتة إلى مليلية، من تطوان إلى الحسيمة، من طنجة إلى الناظور… الصوت واحد: الثغور محتلة، والكرامة لا تُفاوض. وإذا كانت الصحافة الإسبانية قد أصيبت بـ”إسهال سياسي” كلما تنفس أحد المغاربة خارج القوالب التي فرضها الاحتلال، فإن العلاج لا يكون بالسكوت… بل بالتصعيد، وبالكشف عن الوجه الحقيقي لمن يحاصر الحقيقة كما يحاصر المدن.

 

19/07/2025

Related Posts