يتصاعد الزخم السياسي في المغرب مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة سنة 2026، إذ بدأت الأحزاب، سواء من الأغلبية أو المعارضة، في رفع وتيرة تحركاتها السياسية والإعلامية. الخطابات السياسية أضحت أكثر حدة، والاتهامات المتبادلة باتت حاضرة في الساحة، خصوصًا بعد “مسيرة الكرامة” التي شهدتها منطقة آيت بوكماز، والتي تحولت إلى ساحة تراشق بين الأطراف السياسية، متهمة بعضها البعض بـ”الركوب” على قضايا اجتماعية لأهداف انتخابية. في هذا السياق، لم يتردد رئيس الحكومة عزيز أخنوش في التنبيه إلى خطورة “تأجيج الشارع لتصفية حسابات سياسية”، ما يعكس عمق الانقسام واحتدام السباق المبكر نحو صناديق الاقتراع.
في خضم هذا الوضع، يلاحظ أن النواب البرلمانيين بدأوا يتحسسون قرب نهاية ولايتهم التشريعية، مما دفعهم إلى تكثيف حضورهم عبر أساليب الترافع البرلماني، خاصة من خلال الأسئلة الكتابية، في محاولة لتسجيل نقاط إضافية أمام ناخبيهم. ويرى متتبعون أن الأحزاب السياسية دخلت فعلياً في سباق انتخابي غير معلن، وسط تراجع دورها التقليدي كمؤسسات اقتراح وحلّ، وتحولها إلى أدوات انتخابية موسمية لا تظهر ميدانيًا إلا عند اقتراب المواعيد الانتخابية. هذا التحوّل، كما يرى المحلل السياسي مصطفى كرين، يعكس أزمة عميقة داخل هذه التنظيمات، التي أصبحت، حسب تعبيره، تعاني اختلالات داخلية تُترجم إلى شعارات مناسبة وتوظيف لمعاناة المواطنين بدل تقديم حلول حقيقية.
من جهته، يعتبر الباحث في العلوم السياسية حميد بحكاك أن ما يجري اليوم يدخل في إطار “التسخينات الانتخابية”، وهو أمر طبيعي مع اقتراب موعد الانتخابات. لكنه يُشير إلى أن الأحزاب باتت تخوض هذا التنافس على أرضية من التموقع الإعلامي والسياسي، أكثر منه صراعًا حول البرامج والإصلاحات. ويرى بحكاك أن الإشكاليات البنيوية التي يعاني منها المغرب، كالفوارق المجالية والاجتماعية، ما تزال عالقة بسبب تردد الحكومات في القيام بإصلاحات جذرية قد تؤثر على حظوظها الانتخابية. ويخلص إلى أن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد تصعيدًا غير مسبوق، خاصة مع استمرار محاولات الهيمنة على قوانين اللعبة السياسية، وتشكيل تحالفات ظرفية تفتقر لأي مشروع فكري أو أيديولوجي، ما يكرّس صورة مشهد حزبي مأزوم يعيش على إيقاع موسم انتخابي دائم.
19/07/2025