في مداخلة إعلامية جديدة، حرص الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على التأكيد أن بلاده وفية لمبادئ عدم الانحياز وملتزمة بحسن الجوار، مشددًا على أن دعم ما يُسمى “الشعب الصحراوي في تقرير مصيره” هو موقف مبدئي لا تراجع عنه. تصريحات تبون، التي بثّت مساء الجمعة الماضي، جاءت لتفنيد ما وصفه بادعاءات العزلة الإقليمية والدولية المفروضة على الجزائر، نافياً أي أثر سلبي لمواقف بلاده السياسية، خاصة في ما يتعلق بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
لكن هذه التصريحات لم تمر دون رد. فقد اعتبر عدد من المتخصصين أن الخطاب الجزائري لا يزال سجين سرديات تقليدية تعود إلى زمن الحرب الباردة، متجاهلًا التحولات العميقة في موازين العلاقات الدولية. محمد عطيف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة شعيب الدكالي، أكد أن النظام الجزائري يتمسك بخطاب ماضوي بات يشكل عبئًا على سياسته الخارجية، لاسيما مع الدعم المعلن لجبهة البوليساريو، في تناقض صريح مع مبادئ السيادة وعدم التدخل التي يتغنى بها. وأوضح عطيف أن هذا التناقض أضرّ بصورة الجزائر وقلّص من مصداقيتها كشريك في محيطها الإقليمي والدولي، خصوصًا في ظل صعود الدبلوماسية المغربية وكسبها لتأييد متزايد في إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
في السياق ذاته، اعتبر محمد الغيث ماء العينين، عضو المركز الدولي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن مواقف النظام الجزائري تُخفي خلفها هواجس أعمق تتعلق بصراعات الهوية والتاريخ. فاستمرار الجزائر في دعم الانفصال ليس وفاءً لمبادئ التحرر، بل خشية من فتح ملفات تاريخية حساسة، على رأسها ملف الصحراء الشرقية. وأشار ماء العينين إلى أن الجزائر تسعى بكل الوسائل لإبقاء نزاع الصحراء مفتوحًا لتفادي تفجير صراعات داخلية محتملة. كما اتهمها باستغلال مشترك غير مشروع لموارد مثل منجم “غار الجبيلات”، في خرق واضح للاتفاقيات الموقعة مع المغرب، ما يجعل المملكة في حلٍّ قانوني من الالتزامات المنصوص عليها.
20/07/2025