أعادت دورية جديدة من رئاسة النيابة العامة، وُجّهت إلى وكلاء الملك والوكلاء العامين بمحاكم المملكة، الجدل حول موضوع الاعتقال الاحتياطي إلى الواجهة، بعد أن شددت على ضرورة ترشيد اللجوء إليه وتفعيل آليات العدالة التصالحية، في ظل تسجيل تراجع ملموس في نسبته الذي استقر عند حدود 30 في المئة حتى نهاية ماي الماضي. هذا التراجع، ورغم إيجابيته النسبية، لم يمنع استمرار الانتقادات الحقوقية للمبالغة في استعمال هذا الإجراء الاستثنائي، خاصة أنه قد يمس بمبدأ قرينة البراءة، ويقيد حرية المتهم قبل صدور حكم قضائي نهائي.
وفي هذا السياق، أوضح المحامي والخبير في القانون الدولي وحقوق الإنسان صبري الحلو أن الاعتقال الاحتياطي ليس عقوبة، بل هو تدبير مؤقت يُلجأ إليه في حالات محددة، كوجود حالة تلبس أو انعدام ضمانات حضور المتهم، لكنه نبه في الوقت ذاته إلى تنامي النزوع القضائي نحو اعتماده بشكل مفرط. ودعا الحلو إلى تعزيز البدائل القانونية التي يتيحها المشرع، مثل الكفالة أو المثول الدوري، وإلى ضبط قرارات الاعتقال من خلال تعليلات قانونية واضحة تُراعي التوازن بين العدالة والحرية. وأشار إلى أن مشروع قانون العقوبات البديلة، المنتظر صدوره قريباً، قد يشكل تحولاً جوهرياً من خلال إدخال عقوبات بديلة كالسوار الإلكتروني أو الخدمة المجتمعية، والتي يمكن توسيع نطاقها لتشمل حتى المتهمين قبل صدور الأحكام.
من جانبه، حذر عبد الإله الأخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، من أن الاعتقال الاحتياطي، وإن كان قانونيًا في جوهره، يتحول في بعض الحالات إلى ما يشبه “عقوبة استباقية” تسبق المحاكمة وتؤثر في صورة المتهم أمام الرأي العام. وأشار إلى أن لهذا التدبير تداعيات اجتماعية خطيرة تتجاوز الحبس، كفقدان الوظيفة وتفكك الروابط الأسرية، مشدداً على ضرورة إرساء رقابة صارمة على قرارات الاعتقال، واقترح استحداث منصب “قاضي الحريات” كضمانة قانونية لحماية الحريات الفردية والحد من أي شطط محتمل في استعمال هذا الإجراء القضائي الحساس.
20/07/2025