kawalisrif@hotmail.com

رأي :    الناظور بين قفزات أزواغ ومناورات أبركان : من يربح حلبة السباق وكسر الأضلع ؟

رأي : الناظور بين قفزات أزواغ ومناورات أبركان : من يربح حلبة السباق وكسر الأضلع ؟

بقلم :  سعيد بودونتي

في السياسة المحلية بإقليم الناظور، تتكثّف قصص «الرقص على الحبال» و«القفز على الحواجز» أكثر مما تُروى في مواسم أسابيع الفروسية بدار السلام … وفي قلب هذا المشهد الملتبس، يبرز اسم سليمان أزواغ — الرئيس الحالي لجماعة الناظور — الذي لم يكن، حتى الأمس القريب، يحلم بأن يقترب من أسوار القصر البلدي لولا الدعم اللا محدود الذي بسطه له «القرش السياسي» الذي خبر دروب الإقليم ومستنقعاته : الحاج محمد أبركان .

يُقال إن السياسة بوابة تُفتح للكفاءات، لكنها في حالة أزواغ تبدو بوابةً جانبية يُفتح قفلها بمفاتيح أخرى :   علاقات غامضة ، وأوراق ثبوت سياسية مبهمة لا تشفي فضول حتى أقرب المتابعين .

في الضفة المقابلة، يقف محمد أبركان، ربان سفينة السياسة في الإقليم، كرقمٍ صعب ولو كره الكارهون. لم يزعم يومًا أنه أستاذ خطابة، ولا راكم الألقاب الأكاديمية، لكنه لم يهرب من الشارع ولا من مواجهة الناس، حتى إن أخطأ النحو وارتبك الصرف تحت قبة البرلمان. خصومه يتهامسون على لسانه، لكنه يربكهم بثبات مواقفه وصلابة حضوره. رجلٌ يخرج من العواصف بأقل الأضرار، ويجيد لعبة الاختفاء والظهور بتوقيتٍ خاص لا تضبطه حتى عدسات خصومه.

وحده أبركان أتقن تقنية «الفار» السياسي في ملاعب الناظور … إن اشتدّت عليه الضربات انسحب تكتيكيًا ليعود فجأة من زاويةٍ جديدة، بورقةٍ جديدة، وبعبارةٍ تكسر طاولة خصومٍ ظنّوا أنهم تخلّصوا منه إلى الأبد.

أما أزواغ ، ( وللأمانة فهو من أنزه رؤساء الجماعات الترابية بالإقليم ، رغم بعض التجاوزات القليلة )  « الإبن التجمعي العاق» سياسياً ، والذي انتشله أبركان من الغرق، بنسمات الوردة ، فبدأ مشواره مستندًا على اسم وماضي شقيقه الراحل الراحل مصطفى أزواغ، الاسم الذي سدّ فراغًا سياسيًا ورياضياً كان الناظور يفتخر به ، والذي ترك حبا كبيرا في قلوب الناظوريين إلى حدود اليوم … ركب سليمان موجة «حزب الحمامة» مثل فارسٍ على حصانٍ مستعار، قبل أن يغريه حلم القفز الحرّ فوق أسوار الولاءات … تمرّد على شيوخ الحمامة : من مصطفى المنصوري إلى عبد القادر سلامة، فغرِق في وحل السياسة حتى استدعاه «عمي أبركان» لينتشله بصفقة ولاءٍ أنقذته مؤقتًا … لكنها سرعان ما انقلبت عليه.

فقد ظنّ أزواغ أن السياسة حلبةُ هلال كرة اليد الذي يترأسه، فحوّل «المؤتمر الإقليمي» للاتحاد الاشتراكي إلى عرسٍ بلا فرح ولا قواعد … أدار المباراة كمدرّبٍ هاوٍ، جرّب تسديد الكرات في شباك أبركان، فأضاعها كلها بين أرجل «بيلوتشي» و«سلام» … أما لشكر، مدرب المدرّبين، فاكتشف في الناظور أن الأرقام لا تحسب بنفس مقاسات كؤوس النبيذ المرّ الذي ذاقه بمرارة في فندق أطالايون، ليلةً خسر فيها «الحب الملوك» وسُكبت الكؤوس مع كل حساب سياسي خاطئ.

والنتيجة؟ سقط أزواغ قبل أن يسجل هدفًا واحدًا، وخرج لشكر بوجهٍ شاحبٍ وملفٍ مشروخٍ وأوراقٍ مبعثرة أكثر من كؤوس منتجع الأطالايون. بينما بقي أبركان واقفًا يلوّح بورقته القادمة ويبتسم كعادته: «الميدان لي ومن فيه! ».

الخلاصة؟ إن مقاعد البرلمان الأربعة ومجلس جماعة الناظور لا تحتاج «عرسًا» جديدًا ولا «مؤتمرًا» ببدلات مصفّحة وكراسي ذهبية، بل تحتاج رجالًا حقيقيين يترجلون إلى الأرض كما هي: بترابها لا بموائدها، بأزقتها لا بمكاتبها المكيّفة، وبهموم الناس لا بشبكات الولاء العابرة.

أما من يظنّ أن السياسة هنا هي «قفزة حرّة» أو «رقصة على حبال» فليتأكد أن الحبال بالية والحواجز أعلى مما يتصور، وأن الجمهور الذي صفق بالأمس قد يرميه غدًا بالطماطم الباردة.

إلى أن يظهر ذلك الفارس النظيف الذي لا يخاف التراب، سيظل مضمار الناظور مفتوحًا لكل من يتقن الرقص… ويسقط عند أول قفزة.

20/07/2025

Related Posts