kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا القفطان يهزم العنصرية … و”ڤوكس” يتلقى درسًا من شرفة عرس مغربي في برشلونة !

إسبانيا القفطان يهزم العنصرية … و”ڤوكس” يتلقى درسًا من شرفة عرس مغربي في برشلونة !

في أحد أحياء برشلونة، حيث تمتزج نسائم المتوسط برائحة الشاي بالنعناع، أطلت عروس مغربية من شرفتها تُحيي جيرانها الإسبان، بينما علت الزغاريد وتمايلت القلوب على إيقاع الفرح والتعايش. لكن المفاجأة لم تكن في العرس نفسه، بل في المشهد الذي اجتاح مواقع التواصل: فتيات إسبانيات يرتدين القفطان المغربي الأصيل، يشاركن بكل عفوية وبهجة في احتفال شعبي لم يحتج لا لدعوة رسمية ولا لتأشيرة قبول ثقافي.

لم يكن ذلك مجرد عرس… بل صفعة ناعمة على خدّ التحريض. ففي وقت يمعن فيه حزب “ڤوكس” اليميني المتطرف في تخويف الشارع من “الخطر الأجنبي”، جاء الردّ من شرفة صغيرة في حيّ متواضع: بزغاريد، وقفاطين، وابتسامات، كفيلة بهزيمة صراخ الميكروفونات ومقالات الكراهية.

العروس لم تحتج إلى خطاب. كان ظهورها كافيًا: فتيات إسبانيات بقفاطين مغربية، الجيران يشاركون برقصات شعبية، والشارع يتحول إلى منصة للتآخي العفوي. لحظة واحدة فقط كانت كفيلة بتقويض كل سرديات التخويف من الآخر، وتحويلها إلى ما يشبه المزحة الثقيلة.

نعم، إنه “الخطر الجميل” الذي يهابه ڤوكس: بنات الحي يلبسن قفاطيننا، أبناؤهم يرقصون على أنغامنا، والجيران يحفظون طقوسنا كما لو كانت جزءًا من تراثهم. خطر لا يأتي من الموانئ ولا من قوارب الهجرة، بل من الألفة.

الصورة التي اجتاحت الشبكات لم تكن لحظة عابرة، بل وثيقة سياسية حيّة تُسقط وهم “الغزو الثقافي” وتفضح هشاشة الخطاب اليميني المتطرف. فمتى صار القفطان تهديدًا؟ ومتى صار الفرح عملًا تخريبيًا؟

من قلب الحي، من بين جدران لا تعرف الكراهية، خرجت رسالة حضارية تقول بوضوح: من يعيش على الكراهية يعيش خارج الزمن.

مغاربة إسبانيا ليسوا عالة ولا طارئين. إنهم جزء من نسيج المجتمع: يدرّسون، ويعالِجون، ويُبدعون، ويُنعشون الاقتصاد. أما أولئك الذين يصرّون على رؤيتهم كـ”عبء”… فربما يعانون من عطب في البوصلة الحضارية.

وفي تعليقات المغاربة، حضرت روح الدعابة التي لا تُقاوم: “نحمل القفطان كما نحمل السلام، نرد على الحقد بالحناء، وعلى العنصرية بالفرح. واللي ما عجبوش الحال؟ يشرب من بحر مليلية المحتلة!”

المغرب حاضر… ليس فقط في الأسواق والمطاعم، بل في تفاصيل الحياة اليومية: بالقفطان، بالكرم، وبقوة الانتماء. أما حزب ڤوكس؟ فما زال يُراكم الخيبات في الزاوية، يحاول إقناع الناس بأن الزغاريد خطر داهم.

في زمن يُخشى فيه القفطان أكثر من خطاب الكراهية، تتحوّل الأعراس المغربية إلى دروس في التعايش، تفضح كل الادعاءات حول “التهديد الأجنبي”. وبينما يوزّع بعض السياسيين الصفعات اللفظية في قاعات البرلمان، تأتي الزغاريد من شرفات برشلونة لتعلن انتصار الحياة على ثقافة الخوف.

ويبدو أن حزب ڤوكس سيجد نفسه مضطرًا قريبًا لإضافة القفطان إلى قائمة “التهديدات الوطنية”، إلى جانب الكسكس، والنعناع، والطاجين. فالخطر الحقيقي، كما يبدو، لم يعد يأتي من سواحل الجنوب، بل من حفلات الحيّ.

ربما آن الأوان لتأسيس “الهيئة العليا لمراقبة القفاطين والشرفات”، أو سنّ قانون يمنع الجيران من تبادل الحلوى دون ترخيص. فقد صار التعايش يفضح هشاشة المشاريع التي لا تعيش إلا على فتات الكراهية.

لكن لا بأس… يمكنهم دائمًا التظاهر ضد الأعراس. فقط عليهم أن يحذروا من مفاجآت الحفلات، فقد يجدون أنفسهم في النهاية يرقصون على نغمات “العيطة”، وهم يرتدون قفاطين مُهداة من الجارة المغربية، وقمصان كُتب عليها: Viva la convivencia ( عاش التعايش! )

20/07/2025

Related Posts