في مشهد أقلّ ما يوصف به أنه «عرض مجاني للعضلات»، حلّقت زوال اليوم ثلاث مروحيات عسكرية أمريكية من طراز Sikorsky MH-60 على نحو متزامن وبعلو منخفض يُراوح بين 350 و800 قدم فقط، قبالة سواحل ثلاث ولايات جزائرية هي العاصمة والشلف ومستغانم، مثيرةً وراءها أسئلة ثقيلة وظلالًا من الريبة في سماء البلد الذي اعتاد التباهي بـ«السيادة التامة».
الرحلات الجوية لم تكن عبثية ولا مجرّد «جولة سياحية» كما قد يروّج بعض المروّجين الرسميين، بل سلكت المروحيات مسارات دائرية دقيقة أشبه بـ«رسم هندسي» في عرض البحر، ما يرجّح فرضية تنفيذ مهمة استطلاع بحري أو عملية مراقبة إلكترونية حساسة، وسط تكتم تام من السلطات الجزائرية التي اكتفت – كالعادة – بالصمت المطبق وكأن شيئًا لم يكن.
اللافت أنّ هذه التحركات تأتي في سياق إقليمي يشهد توترًا مكتومًا بين الجزائر وبعض جيرانها في الضفة الجنوبية للمتوسط، بينما تجد البحرية الأمريكية، ومعها حلفاؤها في حلف الناتو، متّسعًا من البحر والجو لاختبار أجهزة الاستشعار وجمع المعلومات أمام سواحل «الجمهورية الغازية» دون أن يجرؤ أحد على توجيه سؤال: من يحرس الأجواء؟ ومن يحمي السيادة البحرية التي يُرفع لها الشعار في الخطب ويُحلق فوقها الغير بالمروحيات؟
قد يقول قائل إنّ التحليق جاء بدعوى «مناورات مشتركة» أو «تنسيق روتيني»… لكن الوقائع على ارتفاع 350 قدمًا تقول شيئًا آخر: مياه الجزائر مفتوحة لكل من يملك أجنحة دوّارة وأجهزة رادار متطوّرة.
أما المواطن البسيط، فيكفيه أن يتابع المشهد من الشاطئ: يلتقط صورة، يكتب تعليقًا على فيسبوك، ثم يعود ليبلع حبة أسبرين خوفًا من أن يسمع تفسيرًا رسميًا يُعيده إلى درس «السيادة الوطنية»… ولكن هذه المرة مع «موسيقى تصويرية» أمريكية تحوم فوق رأسه!