يواصل المغرب تعزيز حضوره ضمن أبرز القوى الزراعية التصديرية في إفريقيا، مستفيدًا من موقعه الجغرافي الاستراتيجي وقربه من الأسواق الأوروبية التي تشهد طلبًا متناميًا على الفواكه والخضر الطازجة. هذا الزخم يأتي وسط منافسة متصاعدة من قوى إقليمية مثل مصر وجنوب إفريقيا، في سياق يعرف تحولات عميقة في سلاسل الإمداد الفلاحي بالقارة. ووفق تقرير التوقعات الزراعية للفترة 2025-2034، الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمة الأغذية والزراعة، فقد تضاعفت صادرات المغرب من الفواكه بشكل لافت، منتقلة من أقل من 0.2 مليار دولار سنة 2000 إلى أكثر من 2 مليار دولار في 2022، رغم تسجيل تراجع طفيف في 2023، حافظت المملكة خلاله على المرتبة الثالثة إفريقيا بعد جنوب إفريقيا ومصر.
ويُبرز التقرير أن المغرب لا يكتفي بدور المصدّر فحسب، بل يُعد من أكبر المنتجين الفلاحيين على مستوى القارة إلى جانب دول مثل الجزائر ونيجيريا، ما يمنحه موقعًا فريدًا يجمع بين تلبية الطلب المحلي وتحقيق فائض للتصدير. ويُسجل المغرب أداءً قوياً في تصدير الحمضيات والفواكه الحمراء والبواكر، مستفيدًا من بنية تحتية لوجيستية متطورة وتزايد استثمارات القطاع الخاص. هذا التنوع الإنتاجي والتوجّه التصديري يعكسان نجاح المملكة في تحويل الفلاحة إلى رافعة استراتيجية ضمن نموذجها التنموي، في ظل بيئة اقتصادية إقليمية تتسم بالتغيرات المناخية وتقلّب الأسواق العالمية.
وفي سياق أوسع، توقع التقرير ارتفاع الإنتاج الزراعي والسمكي العالمي بنسبة 14% خلال العقد المقبل، مدفوعًا أساسًا بزيادة الإنتاجية في البلدان متوسطة الدخل. وأكد أن تحسين الكفاءة الزراعية يمكن أن يلعب دورًا محورياً في خفض كثافة الانبعاثات، إذ يمكن، من خلال استثمارات مشتركة في التكنولوجيا والابتكار، تقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 7% بحلول عام 2034، بالتوازي مع تحقيق هدف القضاء على نقص التغذية عالميًا. التقرير، في نسخته الحادية والعشرين، يُعد مرجعًا أساسياً لصانعي القرار في رسم سياسات زراعية قائمة على أسس علمية واستشرافية.
20/07/2025