kawalisrif@hotmail.com

سبتة المحتلة تحت ضغط الهجرة… ومليلية تتهرب من المسؤولية

سبتة المحتلة تحت ضغط الهجرة… ومليلية تتهرب من المسؤولية

رغم تراجع أعداد المهاجرين غير النظاميين القادمين إلى إسبانيا منذ بداية سنة 2025، لا تزال مدينة سبتة المحتلة تواجه ضغطًا استثنائيًا ومتزايدًا، في وقت تنتهج فيه مليلية المحتلة موقفًا متحفظًا ومنسحبًا، تراقب من بعيد، وكأن ما يحدث لجارتها لا يعنيها من قريب أو بعيد.

ووفقًا لأحدث بيانات وزارة الداخلية الإسبانية، استقبلت سبتة خلال النصف الأول من العام الجاري 1.091 مهاجرًا، أي ما يعادل نحو 91% من مجموع الوافدين إلى الثغرين المحتلين، مقابل 106 مهاجرين فقط إلى مليلية، التي تُعد هذه الأرقام بالنسبة لها “قفزة” كبيرة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حين لم تستقبل سوى 16 مهاجرًا فقط.

وعلى المستوى الوطني، بلغ عدد الواصلين إلى التراب الإسباني منذ فاتح يناير 19.114 مهاجرًا، مسجلًا بذلك تراجعًا بنسبة 27.3% مقارنة بسنة 2024، التي عرفت وصول 26.411 مهاجرًا.

ورغم أن حوالي 94% من هؤلاء المهاجرين دخلوا إسبانيا عبر البحر، فإن سبتة المحتلة لا تعاني أساسًا من ضغط الهجرة البحرية، بل من محاولات التسلل البرية، سواء عبر الأسلاك الشائكة أو سباحة على طول الساحل الحدودي مع المغرب، خاصة في منطقتي طراخال وبنزو.

أما مليلية، فتبقى بمنأى عن هذا الضغط، رغم أنها كانت تاريخيًا معبرًا بريًا نشطًا، لا سيما على امتداد السياج الحدودي مع إقليم الناظور، خصوصًا من جهات فرخانة وبني أنصار، وحي باريو تشينو.

مع تزايد أعداد القاصرين غير المصحوبين الذين يصلون إلى سبتة سباحة أو تسلُّلًا، تحوّلت بعض المستودعات في منطقة طراخال إلى مراكز إيواء مؤقتة وسط ظروف إنسانية هشة ومتواضعة. وفي مواجهة هذا الواقع، ناشدت حكومة سبتة المحتلة عدة أقاليم إسبانية لتقاسم عبء الاستقبال، لا سيما ما يتعلق برعاية الأطفال.

لكن المفاجأة أن حكومة مليلية المحتلة، برئاسة خوان خوسي إمبرودا، أعلنت رفضها القاطع استقبال أي طفل مهاجر، بل وحتى الامتناع عن المشاركة في الاجتماعات التنسيقية مع وزارة الإدماج. موقف وصفه بعض المسؤولين في مدريد بـ”غير الأخلاقي”، خصوصًا وأن الحزب الشعبي الإسباني، الذي يقود الحكومتين المحليتين في المدينتين، يُفترض أن يكون له موقف موحد ومتضامن.

ما يجري اليوم بين سبتة ومليلية يكشف بوضوح ازدواجية المعايير التي تتعامل بها السلطات الإسبانية مع ملف الهجرة داخل الثغرين المحتلين. ففي الوقت الذي تتحوّل فيه سبتة إلى ما يشبه “مخزنًا بشريًا” مكتظًا بالقاصرين والمهاجرين غير النظاميين، تلوذ مليلية بالصمت، متظاهرة بأنها في مأمن من كل شيء، وكأن الأمر لا يتعدى حدود كاميرات المراقبة.

أمام هذا الواقع المختل، يطرح السؤال نفسه بإلحاح:
هل تُركت سبتة لتغرق وحدها في مستنقع الهجرة؟ وهل تنوي مليلية الاكتفاء بدور “الشاهد الصامت”؟
أم أن الأمر يتعلق بخطة غير مُعلنة لإعادة توزيع الأدوار بين الثغرين المحتلين، بشكل يُرضي مدريد ولا يُغضب بروكسيل، ويضمن استمرار الاحتلال… بأقل تكلفة سياسية ممكنة؟

تحقيق يكشف تناقضات الداخل الإسباني، ويُظهر كيف يتحول “الاحتلال” من ورقة سيادية مزعومة إلى عبء إنساني وأمني… لا أحد يريد دفع ثمنه، حتى من داخل البيت الإسباني نفسه.

المفارقة… مليلية المحتلة تطالب أوروبا بالمساعدة في مكافحة الهجرة، لكنها ترفض استقبال قاصر واحد من أبناء الطريق!

20/07/2025

Related Posts