لم تُفلح بداية مرحلة العودة ضمن عملية «عبور المضيق» لسنة 2025 في تخفيف الضغط المروري الذي يشهده معبر بني انصار الرابط بين مليلية المحتلة وباقي التراب الوطني، رغم تسجيل تراجع ملحوظ في عدد المسافرين هذا الموسم مقارنة بالعام الماضي.
وبحسب تقارير إعلامية إسبانية، شهدت المنطقة المحاذية للمعبر الحدودي، يوم الأحد الماضي، طوابير طويلة من السيارات، خاصة بمحيط الثكنة العسكرية السابقة «فالينثويلا» التي تحولت إلى موقف مؤقت لاستيعاب العربات القادمة من الموانئ الإسبانية.
وفي ظل الحرارة المفرطة وهبوب رياح «الشرݣي» على المنطقة، لم تجد العائلات القادمة من مختلف المدن الأوروبية بُدًّا من الاحتماء تحت الخيام التي تنصبها سلطات الاحتلال المحلي سنويًا، في مشهد يتكرر مع كل موسم عبور.
وما يزيد المشهد عبثية، أن خيمة العبور التي يُراد بها التخفيف عن المسافرين تبدو أقل مواصفة حتى من خيام الأسواق الأسبوعية في القرى المغربية، إذ علّق أحد الظرفاء ساخرًا بأنها لا تختلف كثيرًا عن خيام «قندهار» أو «تورا بورا» الأفغانية، بينما مليلية المحتلة لا تجد حرجًا في تبديد ملايين اليوروهات لتزيين شوارعها بخيام مكيفة وممرات نفاثة ببخار المياه الباردة خلال «أسبوع الفيريا» وكرنفالات الملاهي، لكنها تعجز عن تجهيز موقف انتظار يحترم كرامة العابرين.
ورغم انخفاض أعداد الوافدين بحوالي الثلث مقارنة بسنة 2024، إلا أن الإقبال على معبر بني انصار ما يزال يخلق «عنق زجاجة» يعطّل حركة السكان المحليين ويعيق مصالحهم اليومية، في ظل غياب بدائل أو معابر إضافية تخفف من حدة الاختناق الموسمي.
ووفق الأرقام المعلنة، سجل ميناء مليلية خلال الشهر الأول من العملية مرور نحو 41 ألف مسافر، أي أقل بـ19 ألفًا عن نفس الفترة من العام الماضي، فيما تراجع عدد العربات بأكثر من 30% نتيجة تقليص الرحلات البحرية بين الموانئ الأندلسية ومليلية المحتلة.
في المقابل، واصل ميناء الناظور استقطاب أعداد متزايدة من المسافرين والمركبات بفضل الحفاظ على وتيرة الرحلات، وهو ما يعكس تفضيل عدد من أبناء الجالية المغربية تفادي ازدحام مليلية المحتلة.
ورغم هذه الإكراهات، يبقى معبر بني انصار المنفذ الوحيد أمام الآلاف ممن يختارون العبور عبر مليلية لقربها الجغرافي من مساقط رؤوسهم، ما يجعل أي خلل في التنظيم أو ضعف في البنية التحتية مرشحًا لتكرار نفس المشاهد كل صيف.
وتطالب فعاليات محلية بضرورة التفكير في حلول عملية، سواء عبر فتح ممرات إضافية أو تسريع إجراءات العبور لتفادي الفوضى وضمان سلاسة التنقل بين المدينة المحتلة وباقي التراب الوطني.
وفي مشهد لا يخلو من المفارقة، يقف الآلاف تحت لهيب الشمس على أرضية ترابية ومرافق بدائية لا تليق حتى بموقف شاحنات، بينما سلطات الاحتلال المحلي تبكي أمام بروكسيل ومدريد طلبًا للدعم، وتنتحب على إغلاق تجارة التهريب بمعبر باب مليلية، لكنها لا تتردد في تقليد أساليب التضييق والتعسف من الرباط وتتفنن فقط في توزيع الخيام الرثة. إدارة عاجزة، وبنية مهترئة، وعقلية «مهرجان» تبكي أوروبا وتتعلم الشدة من المغرب!