تشهد الساحة النقابية مؤخراً تحولات لافتة في مواقف بعض التنظيمات، أثارت الكثير من التساؤلات حول مدى التزامها بأدوارها الأصلية في الدفاع عن حقوق الشغيلة، خاصة الفئات الهشة. إذ بات واضحاً أن بعض النقابات لم تعد تُوجه بوصلتها نحو قضايا العمال كما هو منتظر، بل نحو الدفاع عن مسؤولين إداريين وتنفيذيين في مؤسسات عمومية، في مشهد يُربك التوازن المفترض بين النقابي والإداري.
وتجلّت هذه الظاهرة بشكل لافت في بلاغ صادر عن المنظمة الديمقراطية للشغل، التي اختارت الإشادة بما وصفته بـ”التحولات الجذرية” التي يعرفها المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا تحت قيادة مديره البروفيسور محسن رؤوف، وهو موقف غير معتاد من نقابة يُفترض أن أولويتها تنحصر في تحسين أوضاع العاملين بالمؤسسة. ويتكرر المشهد نفسه، لكن هذه المرة في مدينة العيون، حيث أصدرت النقابة الوطنية لموظفي وزارة الصيد البحري التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بلاغاً دفاعياً قوياً عن مندوب الصيد البحري بالميناء، عقب صدور قرار بإعفائه، وهو ما أثار تساؤلات حول دوافع هذا الاصطفاف.
الأغرب أن النقابة ربطت موقفها بتدهور الثروة السمكية، متجاهلة أن هذا التدهور ليس طارئاً بل معروف وممتد منذ سنوات، دون أن تُسجل آنذاك مواقف احتجاجية بنفس الحدة. كما أن حركة التعيينات والإعفاءات في مندوبيات الصيد تُعد أمراً عادياً في قطاع حيوي يعرف دينامية مستمرة، وقد تم إعفاء خمسة مناديب منذ 2021 دون ردود فعل مماثلة. إلا أن دفاع النقابة عن هذا المندوب بالتحديد، ووصول الأمر إلى مهاجمة الوزارة الوصية بأطروحات ترتبط بلوبيات داخل مصيدة السردين، يُوحي بوجود خلفيات تتجاوز البُعد النقابي التقليدي، وتفتح الباب أمام قراءات متباينة لما باتت عليه بعض التموقعات داخل المشهد النقابي المغربي.
22/07/2025