في مشهد أقرب إلى مشاهد الأفلام الدرامية منه إلى يوميات الموظفين، شهد حي العمران بجماعة سلوان التابعة لإقليم الناظور، حادثة مؤلمة تمثّلت في محاولة انتحار نفذها موظف يعمل بالسجن المحلي، حيث حاول إلقاء نفسه من الطابق الرابع، في لحظة يأس بلغ فيها الحزن مداه.
الحادثة وقعت يوم السبت الأخير، وتدخلت عناصر الدرك الملكي بسرعة كبيرة واحترافية عالية حالت دون وقوع كارثة محققة، بعدما تمكنت من ثني الموظف عن تنفيذ محاولته، في مشهد يُظهر إلى أي حدّ بلغ الانهيار النفسي لدى بعض العاملين في قطاع لا يسمع أنينه أحد.
وفي اليوم الموالي، نُقل الموظف إلى مستشفى الأمراض العقلية والنفسية بمدينة العروي، حيث خضع لفحوصات دقيقة كشفت عن حالة اضطراب نفسي حاد، نتيجة تراكم ضغوط العمل دون أي دعم يُذكر.
هذه الواقعة المؤلمة فتحت الباب مجددًا للتساؤل حول الظروف المهنية والإنسانية التي يعمل فيها موظفو السجون، خصوصًا في ظل الأوضاع المزرية التي تحيط بهم، والتي لا تقل قسوةً عن تلك التي يعيشها بعض النزلاء أنفسهم.
ووفق مصادر مطلعة، فإن الوضع داخل السجن المحلي بسلوان مثير للقلق، حيث بلغ عدد الشهادات الطبية ذات الطابع النفسي التي حصل عليها الموظفون خلال شهر واحد فقط أزيد من عشر شهادات، في مؤشر واضح على حجم المعاناة الصامتة.
ورغم كل هذه المؤشرات الخطيرة، يسود نوع من التجاهل والإهمال في التعامل مع شكاوى الموظفين ومعاناتهم اليومية، إذ يغيب الدعم النفسي الفعّال، كما لا تُفعَّل آليات الاستماع داخل المؤسسة، وكأن الضغط النفسي جزء من مهامهم الوظيفية وليس عارضًا يجب علاجه.
حادثة سلوان لم تكن الأولى، وربما لن تكون الأخيرة ما لم يُفتح هذا الملف بجدية ومسؤولية. فالمؤسسات العقابية، بدل أن تتحول إلى مقابر صامتة لموظفيها، تحتاج إلى إصلاحات حقيقية تُعيد للإنسان اعتباره، وتمنح للعاملين فيها فرصة للتنفس، قبل أن يقفزوا من النوافذ بحثًا عن الخلاص.
أما المسؤولون؟ فهم – على ما يبدو – محصنون ضد الضغط، ولا يعانون من شيء… إلا حين لا يجدون ما يبررون به صمتهم.
22/07/2025