kawalisrif@hotmail.com

ميناء سبتة المحتلة يُجدد شهادة EMAS البيئية… محاولة لتلميع صورة الاحتلال في غلاف بيئي

ميناء سبتة المحتلة يُجدد شهادة EMAS البيئية… محاولة لتلميع صورة الاحتلال في غلاف بيئي

في خطوة دعائية جديدة تسعى من خلالها سلطات الاحتلال الإسباني بسبتة المحتلة إلى إظهار صورة “التحديث والاستدامة”، أعلنت الهيئة المينائية في الثغر المحتل عن تجديدها للمرة الثانية شهادة EMAS البيئية الأوروبية، وهي شهادة تطوعية تُمنح للجهات التي تلتزم بإجراءات محددة لحماية البيئة.

ويأتي هذا الإعلان في سياق محاولة إسبانية مستمرة للظهور بمظهر “الميناء النموذجي”، بينما تتجاهل القضايا الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية الأعمق التي تعاني منها المدينة المحتلة، سواء على مستوى التهميش الذي يطال أحياء واسعة من السكان الأصليين، أو الخنق الممنهج للتجارة المعتمدة تقليديًا على علاقات الجوار مع الداخل المغربي.

وبحسب ما أعلنت عنه الصحافة الإسبانية المحلية، فإن ميناء سبتة المحتلة بات واحدًا من ثمانية موانئ فقط في إسبانيا يحمل هذه الشهادة، وأحد كيانين فقط داخل الثغر المحتل مدرجين في السجل الأوروبي لنظام EMAS. وتُقدَّم هذه الشهادة، التي حصل عليها الميناء أول مرة سنة 2019، كمؤشر على “التفوق البيئي”، في وقت تشهد فيه المدينة أزمات بنيوية تتعلق بالتنمية، والسكن، والبطالة، والانفصال المجتمعي.

لا تنكر الشهادة أن ميناء سبتة قد اعتمد بالفعل معايير مرتبطة بتقليص الانبعاثات، وترشيد استخدام الموارد، وتدبير النفايات، لكن يبقى السؤال الأهم: لصالح من يُنجز كل هذا؟

فالميناء، الذي يُدار بشكل مركزي من مدريد، يخدم في عمقه أجندة جيوسياسية تحاول تكريس الوجود الاستعماري في الثغر المغربي المحتل، عبر إدماجه في شبكات “الموانئ الذكية” الأوروبية، ومنحه صبغة “بوابة خضراء للمتوسط”، في تجاهل تام لمطلب المغرب المشروع باسترجاع أرضه، ولمعاناة الساكنة المحرومة من حرية التنقل والتكامل الاقتصادي الطبيعي مع محيطها.

يحاول القائمون على الميناء تسويق أن تجديد شهادة EMAS يندرج ضمن مخطط بيئي واسع يشمل شهادات ISO متعددة (للجودة، السلامة، الطاقة…)، لكن هذا المسار يبقى منقوصًا إذا لم يشمل البعد الإنساني والحق في التنمية العادلة للسكان الأصليين.

ويبدو أن سلطات الاحتلال تسعى، من خلال هذه التحديثات البيئية، إلى حجز موطئ قدم ضمن أجندة الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالتحول الأخضر، لكن دون مساءلة تاريخية أو أخلاقية حول استمرار الاحتلال، وغياب العدالة الترابية.

وعلى النقيض من هذا المسار الدعائي، يواصل المغرب سياسته البيئية الوطنية في إطار سيادته الكاملة على ترابه، حيث أطلقت المملكة برامج طموحة في الطاقات المتجددة، وتدوير النفايات، وتحلية المياه، وزراعة الغابات، وهو ما يندرج ضمن رؤية تنموية شاملة يقودها جلالة الملك محمد السادس، تنطلق من ربط البيئة بالكرامة والعدالة المجالية والعدالة المناخية.

وفي حين تنخرط موانئ المملكة — من طنجة المتوسط إلى أكادير والعيون — في استراتيجية بيئية وطنية ذات بُعد دولي، تظل “النجاحات البيئية” في سبتة المحتلة محصورة في سياق استعماري يسعى لتجميل الواقع أكثر مما يسعى إلى تغييره.

لا شك أن أي خطوة في اتجاه حماية البيئة تُعتبر إيجابية من حيث المبدأ، لكن حين تتحول هذه الخطوات إلى وسيلة لتلميع احتلال عمره قرون، فإنها تصبح جزءًا من المشكل بدل أن تكون جزءًا من الحل.

ميناء سبتة قد يُحصي عدد الأشجار التي زُرعت، ويقيس انبعاثات الكربون التي تم خفضها، لكنّه لا يستطيع إخفاء الحقيقة الجوهرية: أن الأرض التي يقف عليها هي أرض مغربية، وأن أي تنمية حقيقية لا تكون إلا في ظل السيادة الكاملة، والعدالة المجالية، والكرامة الإنسانية.

23/07/2025

Related Posts