رغم الأزمة المائية الخانقة التي تخنق أنفاس سكان مليلية ، تواصل سلطات الاحتلال الإسباني ضخ الأموال في مشاريع تجميلية وبروتوكولية لا تُروي عطشًا ولا تحل أزمة، بل تستهدف فقط تحسين واجهة المدينة في عيون السائح والمصطاف، في تجاهل صارخ لأولويات الساكنة.
في ندوة صحفية من داخل محطة المسافرين البحرية، كشف مانويل كيبيدو، رئيس هيئة الموانئ ، عن سلسلة من التحديثات التي شملت البنية التحتية للمحطة، مؤكّدًا أن ما يفوق 1,28 مليون يورو صُرف خلال الأشهر الأربعة الماضية بهدف “تحديث المرافق ورفع مستوى الراحة والكفاءة الطاقية”.
أولى هذه المشاريع تمثّلت في استبدال النظام الكامل للتكييف، الذي يعود بناؤه لعام 2006، بثماني وحدات جديدة أكثر “كفاءة بيئية”، بتكلفة ضخمة وبتقنيات استرجاع الحرارة. خطوة تبدو متقدّمة… لولا أن سكان أحياء مليلية يُكابدون حرارة الصيف دون ماء في الصنابير، ولا حتى ماء للوضوء في بعض المدارس والمساجد.
كما تم تركيب أبواب مزدوجة وستائر هوائية ومنافذ “ذكية” لتقليل تسرب الهواء الساخن إلى داخل المحطة، مع تجديد جميع بوابات الدخول والخروج، في محاولة لخلق “بيئة حرارية مثالية للمسافرين”… بينما لا تزال بيئة سكان المدينة الداخلية تعاني من الاختناق البيئي والاجتماعي.
الاستثمارات شملت أيضًا تجديد نظام الإشارات الموجهة لذوي الإعاقة، وصيانة الممرات الميكانيكية المؤدية إلى رصيف “إسبيغون”، مع اقتناء معدات ميكانيكية للتنظيف بأربعين ألف يورو. أما نظام مكافحة الحرائق، فقد حظي بـ95 ألف يورو لتحديثه بـ31 وحدة تحكم، و186 جهاز استشعار، وأكثر من 2000 متر من الأسلاك، و17 مطفأة جديدة.
المفارقة أن كل هذه “التحسينات التجميلية” تأتي بينما تواجه المدينة المحتلة موجات استياء شعبي بسبب استمرار الانقطاعات المتكررة للماء، وفشل سلطات الاحتلال في توفير حلول مستدامة. ومع ذلك، يبدو أن الأولوية لدى حكومة الاحتلال الإسباني ليست لتوفير حقوق أساسية، بل لتحسين صورة مدينة بلا روح.
مليلية المحتلة، المدينة التي يُعاد تكييف محطاتها ولا يُعاد النظر في عطش أهلها… حيث تنفق حكومة الاحتلال الملايين على تلميع محطة، بينما تترك الخزانات فارغة، والصنابير يائسة، والسكان عالقين بين حرارة الصيف وسراب الإصلاح.
23/07/2025