كشفت مصادر خاصة لـ”كواليس الريف” أن تقريرًا أنجزته لجنة من مفتشي الإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، وُضع مؤخرًا على مكتب عامل إقليم الناظور، جمال الشعراني، يفضح خروقات خطيرة في مجال التعمير بعدد من الجماعات الترابية بالإقليم. ومن المرتقب أن يُباشر العامل توجيه استفسارات إلى المنتخبين والموظفين المعنيين بالتقرير، قبل اتخاذ الإجراءات المناسبة في حقهم.
وكانت اللجنة قد حلت بالإقليم قبل نحو شهرين، حيث شملت زياراتها التفتيشية جماعات الناظور، بني انصار وبوعرك، من أجل التحقيق في ملفات تعميرية شائكة تمتد فترتها من 2011 إلى غاية اليوم.
خروقات جسيمة في شواهد التعمير
التحقيقات الأولية كشفت عن تجاوزات خطيرة في منح شواهد التعمير، وفي مقدمتها “شواهد عدم التجزئة” التي تم تسليم عدد كبير منها في ظروف وصفت بـ”الغامضة وغير القانونية”، خاصة في جماعتي بوعرك وبني انصار.
في جماعة بوعرك، أظهرت المعطيات أن هذه الشواهد مُنحت خلال ولايتي التسيير الحالية وما قبلها دون احترام الشروط القانونية، كما تم إصدار شهادات الربط والسكن بشكل اعتبرته اللجنة مخالفًا للضوابط الجاري بها العمل. هذه التجاوزات تفتح الباب أمام شبهة تورط منتخبين وتقنيين في “هندسة التعمير حسب الطلب”.
أما في جماعة بني انصار، فالوضع لم يكن أقل خطورة؛ إذ رصدت اللجنة خروقات مماثلة، وخصّت بالذكر اسم محمد أهلال، النائب الحالي لرئيس الجماعة، الذي ورد اسمه في التقرير بعد توقيعه على شواهد إدارية غير قانونية، من بينها شواهد عدم التجزئة.
وفي جماعة الناظور، وقفت اللجنة على وجود شواهد مشبوهة تتعلق باقتطاع أراضٍ واستصدار قطع أرضية، بالإضافة إلى ترخيصات لإضافة طوابق غير قانونية في بعض عمارات “الناظور الجديد”، وهي ممارسات وصفتها اللجنة بأنها تجاوز خطير لمنظومة التعمير. كما ورد اسم رئيس الجماعة ضمن الشخصيات المعنية بالتحقيق.
أسماء وازنة في قلب العاصفة
التقرير، الذي أصبح جاهزًا على مكتب العامل جمال الشعراني، يُورط أسماء وازنة في المشهد الجماعي بالإقليم. إلى جانب محمد أهلال، ورد اسم رئيس جماعة بوعرك الحالي ، والرئيس الأسبق ، بالإضافة إلى رئيس قسم التعمير بالجماعة ونائبين سابقين وحاليين، ما يعكس أن الأمر يتجاوز الأخطاء الفردية ليكشف عن منظومة متكاملة لتفصيل الشواهد حسب المقاس.
في بني انصار كذلك، طالت شبهات الفساد رئيس قسم التعمير، كما شابت عددًا من الشهادات الإدارية التي وُقعت في عهد الرئيس السابق، مما يُشير إلى امتداد مظاهر التلاعب عبر أكثر من ولاية جماعية.
قرارات حاسمة مرتقبة… لكن هل تُؤجل؟
تفيد المعطيات أن العامل جمال الشعراني سيشرع خلال الأسابيع القليلة المقبلة في تفحص دقيق للتقرير، تمهيدًا لاتخاذ قرارات حاسمة في حق المتورطين. غير أن مصادر أخرى لم تستبعد تأجيل هذه الخطوة إلى ما بعد عطلة العامل الصيفية، التي من المرتقب أن تبدأ عقب حفل الولاء بمدينة تطوان، وربما بعد احتفالات اليوم الوطني للمهاجر في 10 غشت المقبل.
بين الفضح والتأجيل… هل تنتصر الحقيقة؟
وسط هذا الزخم من الخروقات، تتطلع ساكنة الإقليم إلى تطبيق العدالة، في مشهد يشبه سيناريو محبوك بإتقان، حيث لا مجال للصدفة ولا مهرب من المحاسبة. العامل الشعراني، الذي دخل على الخط بهدوء الواثقين، لم يتأخر في كشف خيوط اللعبة ووضع يده على مكامن الخلل… بإرادة صلبة لا تعرف المساومة.
24/07/2025