يتقدّم مشروع قانون المالية لسنة 2026 في سياق دولي بالغ التعقيد، تتسم ملامحه بعدم اليقين واشتداد التوترات الجيوسياسية وتصاعد الحروب التجارية. ورغم هذا الظرف الاقتصادي العالمي الضاغط، تعوّل الحكومة المغربية على “تفاؤل حذر”، حيث كشفت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح أمام البرلمان عن توقعات بنمو اقتصادي يصل إلى 4.5% سنتي 2025 و2026، مدفوعاً بتحسن الأنشطة غير الفلاحية وانتعاش تدريجي للقطاع الفلاحي. غير أن محللين يرون أن هذا المعدل يبقى دون العتبة المطلوبة لتحول اقتصادي هيكلي قادر على امتصاص البطالة وتحقيق التنمية الشاملة.
في المقابل، تراهن الحكومة على تقليص عجز الميزانية إلى 3% من الناتج الداخلي الخام وخفض الدين العمومي إلى 64%، مستندة في ذلك إلى فرضيات تهم استقرار التضخم وأسعار الطاقة. لكن هذه التقديرات، بحسب المحللين، تظل رهينة تقلبات الأسواق الدولية والصدمات الموسمية. كما أن التزامات الدولة المالية الكبرى، مثل تعميم الحماية الاجتماعية وتنظيم كأس العالم 2030، تفرض ضغطاً مضاعفاً على التوازنات المالية، مما يستوجب تعبئة موارد إضافية وهيكلة الإنفاق العمومي حسب الأولويات.
من جهة أخرى، حملت مؤشرات سنة 2025 إشارات إيجابية، خصوصاً على مستوى السياسات الاقتصادية والبرمجة الميزانياتية الثلاثية. ويرى خبراء أن هذه الدينامية الجديدة لا تقتصر على القطاع الفلاحي، بل تمتد إلى قطاعات إنتاجية واعدة قد تُسهم في تعزيز النمو واستقطاب الاستثمارات، لا سيما في أفق احتضان المغرب لتظاهرات رياضية دولية. وتبقى مرونة التوقعات، مع الحرص على العدالة الاجتماعية واستدامة الدين، مفتاح المرحلة المقبلة لضمان التوازن بين التحفيز الاقتصادي والانضباط المالي.
26/07/2025